«ويستحب عتق من له كسب، وعكسه بعكسه»، فالذي ليس له كسب لا يستحب عتقه؛ لأننا نجعله عالة على نفسه وعالة على غيره، ومن باب أولى إذا كان هذا العبد معروفاً بالشر والفساد فإننا نقول: لا تعتقه؛ لأنك إذا أعتقته ذهب يفسد في الأرض، وكذلك لو كان إذا أعتق هرب إلى الكفار، وصار علينا فإننا لا نعتقه، فالمهم أن كون العتق من أفضل القربات مقيد بما إذا لم يترتب عليه مفسدة، فإن ترتب عليه مفسدة فإنه ليس من القربات فضلاً عن أن يكون من أفضلها.
قوله: «ويصح تعليق العِتق بموتٍ وهو التدبير»، التدبير: مأخوذ من دبر الحياة أي ما بعدها، وهو تعليق العتق بالموت، سمي تدبيراً؛ لأنه ينفذ في دبر الحياة، ولا شك أنه صحيح؛ لأنه ثبتت به السنة، فإن رجلاً أعتق غلاماً له عن دبر، ولم يكن له مال غيره، وكان عليه دين، فباعه النبي صلّى الله عليه وسلّم وأوفى دينه (?)، وليس عتق التدبير كعتق الحياة؛ لأن عتق التدبير يكون بعد الموت، بعد أن خرج الإنسان من الدنيا، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل البقاء وتخشى الفقر، ولا تمهل ـ أي: تؤخر ـ حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا ولفلان كذا ـ يعني أوصيت ـ وقد كان لفلان (?)، أي: الوارث، فالعتق بالتدبير أقل أجراً من العتق في حال الحياة، والعتق في