تَصَرُّفِهِ يعلم أنه لا يستحق، إذ إن الدين مقدم على الوصية، فيكون الوصي له بمنزلة الوارث الذي يضمن.
قوله: «وإن قال: ضع ثلثي حيث شئت لم يحل له ولا لولده» مثاله: إنسان أوصى إلى شخص وقال: ضع ثلثي حيث شئت، أو قال: ضع ثلثي في قضاء الديون، فمات الرجل فإنه لا يجوز للوصي أن يأخذ شيئاً من هذا الثلث، ولا يجوز لولده أن يأخذ شيئاً من هذا الثلث؛ لأنه لو أراد الموصي أن ينفع الوصي لقال: أوصيت لك، ولم يقل: أوصيت إليك، ولا يحل لولده؛ لأنه متهم، فربما يحابي ولده ويصرف المال له، وغيره أحق به منه؛ فلذلك قال العلماء ـ رحمهم الله ـ: إنه لا يجوز للوكيل ولا للوصي أن يصرف لنفسه أو لأحد من أولاده، وعمم بعضهم ذلك وقال: أو ممن لا تقبل شهادته له، فوسعوا الأمر.
ولكن لو قال قائل: في مسألة الوكالة إذا كان الوكيل يريد هذا الشيء، وأخرجه أمامَ الناس يتزايدون فيه حتى كان آخر سوم على هذا الوكيل، فهل له أن يأخذه؟
على كلام الفقهاء لا، والصحيح أنه إذ زالت التهمة فهو كغيره، هذا من حيث النظر، أما من حيث العمل ـ ولا سيما في زمننا هذا ـ فينبغي أن يمنع الوكيل أو الوصي مطلقاً من أن يصرف الشيء إلى نفسه، أو إلى أحد من ذريته، من ذكور أو إناث، والعلة هي التهمة، ألا يحرص على أن يضع هذا الشيء موضعه.
وذكرنا أنه إذا زالت التهمة، بأن أخرج الوكيل الشيء بالمزاد العلني ووقف عليه فالمذهب لا يصح، حتى في هذه