أكثر، وهذا القول وسط بين القول بالمنع مطلقاً والقول بالجواز مطلقاً، ومع ذلك لا بد من إذن السيد؛ لأنه إذا قبل الوصية فسوف ينشغل وقتاً غير قصير بتصريف هذه الوصية، فيقتطع جزءاً من وقته يُفوِّته على سيده، فلا بد من إذن السيد.
وقوله: «سيده» يجوز أن يقال: سيده؛ لأن هذه سيادة مقيدة، والممنوع هي السيادة المطلقة، فإنها لا تكون إلا لله وحده ـ عزّ وجل ـ، أما السيد المقيد فلا بأس، فيقال: سيد هؤلاء القوم، أو سيد بني فلان.
قوله: «وإذا أوصى إلى زيد وبعده إلى عمرو ولم يعزل زيداً اشتركا، ولا ينفرد أحدهما بتصرفٍ لم يجعله له» هذان الاسمان ـ زيد وعمرو ـ محل التمثيل عند الفقهاء والنحويين وغيرهم أيضاً، لخفتهما؛ لأن كليهما ثلاثة أحرف وسطها ساكن، فهي خفيفة على اللسان، فلو قال: أوصيت إلى زيد أن يصرف خُمس مالي في أعمال البر، ثم بعده قال: أوصيت إلى عمرو أن يصرف خُمس مالي في أعمال البر، فنقول: إن قال: عزلت زيداً، فالوصية لعمرو، وإن لم يقل فهي بينهما، هكذا قال الفقهاء ـ رحمهم الله ـ، وإذا كانت بينهما اشتركا في التصرف، ولا يمكن أن ينفرد أحدهما بتصرف إلا بمراجعة الآخر، وعلى هذا فإذا مات الموصي أعطينا الرجلين جميعاً الوصية ـ وهي الخمس ـ في المثال السابق، وقلنا: تصرفا فيه فيما أوصى به فيه، ولا ينفرد أحدكما عن الآخر بشيء؛ لأنه جعله لهما.