فرط في دينه فإنه لا يؤمن أن يفرط في عمله، وأما المروءة فإنه لا يفعل ما ينتقده الناس، فإن فعل ما ينتقده الناس عليه فليس بعدل.
فإن أوصى إلى فاسق، فالمذهب أنه لا تصح الوصية إليه؛ لأنه غير مأمون، وقد قال الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6]، فالفاسق لا يقبل خبره ولا يرضى تصرفه، ولكن ينبغي أن يقال: إن هذا مبني على الشهادة، فإذا قبلنا شهادة الفاسق المرضي في شهادته قبلنا الوصية إليه؛ لأنه قد يوجد فاسق لكنه أمين من جهة المال، ولنفرض أنه يشرب الدخان، وشرب الدخان إصرار على صغيرة، إذاً هو فاسق، فإذا كان هذا الشارب للدخان رجلاً عاقلاً حصيفاً أميناً رشيداً، ونقول: لا تصح الوصية إليه، في هذا نظر لا شك، ولهذا نقول: إن اشتراط العدالة فيه تفصيل، فإن كانت العدالة تخدش في تصرفه فهي شرط، وإن كانت لا تخدش في تصرفه، وأنه يتصرف تصرفاً تاماً ليس فيه أي إشكال، فإنها ليست بشرط، وهذا هو الصحيح في مفهوم قوله: «عدل».
وقوله: «رشيد» وهو الذي يحسن التصرف فيما وكل إليه؛ لقول الله تعالى في اليتامى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6]، فالرشد لا بد منه، ولكن الرشد في كل موضع بحسبه، فالرشيد في المال هو الذي يحسن البيع والشراء والاستئجار والتأجير، بدون أن يغبن غبناً أكثر مما جرت به العادة.
والرشيد في ولاية النكاح ـ على القول بصحة الوصية فيها ـ