يتوقع وقوع الموت عن قرب، فيعتقد أن في الأجل فسحة.
قوله: «فمن كل ماله»، أي فتصرف هذا الذي لم يقطعه المرض بفراش من كل ماله، وحتى للوارث فإنه لا يضر، إلا الأولاد فإنه يجب التعديل في عطيتهم.
قوله: «والعكس بالعكس»، العكس من قطعه بفراش فليس تصرفه من كل ماله، ولكن من الثلث، ثم متى يعتبر الثلث؟ قال:
«ويعتبر الثلث عند موته»، الثلث الذي ينفَّذ يعتبر عند الموت لا عند العطية؛ لأن الثلث قد يزيد وينقص، فربما يعطي الإنسان العطية وماله كثير فيفتقر، وربما يعطي العطية وماله قليل ثم يغنيه الله، فالمعتبر وقت الموت؛ لأن وقت الموت هو الوقت الذي يتعلق فيه حق الورثة في مال هذا المعطي، إذ قبل الموت لا حق لهم في ماله، فمثلاً رجل أعطى شخصاً مائتي درهم في مرض موته المخوف، وكان ماله حينئذٍ أربعمائة، ثم أغناه الله وصار ماله عند الموت ستمائة، فإن العطية تنفذ؛ لأنها لم تزد على الثلث، أما لو أعطاه مائتي درهم وكان ماله ستمائة وعند الموت صار أربعمائة درهم فلا ينفذ من العطية ما زاد على الثلث إلا بإذن الورثة، فإن لم يأذنوا أخذ ما زاد عن الثلث للورثة.
كذلك فالعطية في مرض الموت لا يتصرف فيها المُعْطَى إلا بتأمين للورثة؛ لأن المعتبر الثلث عند الموت، ولا ندري ربما يتلف مال هذا المريض كله ولا يبقى إلا هذه العطية.