النفقة ليست من باب التبرع، ولكنها من باب القيام بالواجب كالزكاة.
ولو أقر لوارث في مرضه المخوف، فينظر إن وجدت قرائن تدل على صدقه عملنا بإقراره، وإلا فإقراره كتبرعه لا يصح ولا يقبل؛ لأنه ربما يكون بعض الناس لا يخاف الله، ففي مرضه المخوف يقر لبعض الورثة بشيء، فيقول: في ذمتي لفلان كذا وكذا، وليس كذلك، فإذا علمنا أن هذا الرجل عنده من الإيمان بالله ـ عزّ وجل ـ والخوف منه، ووجدت قرينة أخرى تدل على أنه كان فقيراً، وأن الوارث كان غنياً فحينئذٍ نقبل إقراره، وإلاَّ فالأصل عدم قبول إقراره، لكن إذا وجدت قرينة تدل على صدقه عمل بها، ولا يمكن أن نحرم صاحب الدَّين من دَينه، وتبقى ذمة الميت متعلقة به.
قوله: «ولا بما فوق الثلث إلا بإجازة الورثة لها» يعني ولا بما فوق الثلث لأجنبي، فالأجنبي حده الثلث، فإذا أجاز الورثة فلا بأس، والورثة الذين تعتبر إجازتهم هم الذين يصح تبرعهم، ولا بد أن تكون الإجازة بعد الموت كما سيأتي.
وقوله: «ولا بما فوق الثلث إلا بإجازة الورثة لها» أي: بما فوق الثلث لغير وارث، حتى لو أعطى شخصاً ليبني له مسجداً بزائد على الثلث فإنه لا ينفذ، ولو أعطى الفقراء زائداً على الثلث فإنه لا ينفذ، لحديث سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ، أنه استأذن النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ وكان مريضاً ـ أن يتصدق بثلثي ماله ـ والثلثان اثنان من ثلاثة ـ فقال: لا، قال: فالشطر ـ والشطر واحد من