وإذا كان داعية لدينه فلا يمكن أن يغرر بالمسلم؛ لأنه يريد أن يمدحه الناس ويحبوه ويحترموه؛ لأنه ناصح، فالصواب في هذه المسألة أن المعتبر حذق الطبيب، والثقة بقوله، والأمانة، ولو كان غير مسلم، والدليل على هذا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أخذ بقول الكافر في الأمور المادية التي مستندها التجارب، وذلك حينما استأجر رجلاً مشركاً من بني الديل اسمه عبد الله بن أريقط ليدله على الطريق في سفره في الهجرة (?)، فاستأجره النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو كافر، وأعطاه بعيره وبعير أبي بكر؛ ليأتي بهما بعد ثلاث ليال إلى غار ثور، فهذا ائتمان عظيم على المال وعلى النفس.

وحتى العدالة، فلو أننا اشترطناها في أخبار الأطباء ما عملنا بقول طبيب واحد إلا أن يشاء الله؛ لأن أكثر الأطباء لا يتصفون بالعدالة، فأكثرهم لا يصلي مع الجماعة ويدخن ويحلق لحيته، فلو اشترطنا العدالة لأهدرنا قول أكثر الأطباء.

وكذلك العدد، فالمؤلف اشترط أن يكون اثنين فأكثر، ولكن الصحيح أن الواحد يكفي؛ لأن هذا من باب الخبر المحض، ومن باب التكسب بالصنعة، فخبر الواحد كافٍ في ذلك.

فإذا قال طبيب حاذق: هذا المرض مخوف يتوقع منه الموت، فإننا نعمل بقوله، ونقول: إن المريض بهذا المرض عطاياه من الثلث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015