وقوله: «من مسلم وذمي»، كأن المؤلف أسقط المعاهد والمستأمن؛ لأن العهد لا يدوم، وكذلك الأمان لا يدوم، بخلاف عقد الذمة فالأصل فيه الدوام.

غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَكَنِيسَةٍ وَنَسْخِ التَّوْرَاةِ والإِنْجِيلِ وَكُتُبِ زَنْدَقَةٍ ........

قوله: «غير حربي»، الاستثناء هنا منقطع؛ لأن الحربي ليس من الذمي في شيء، فالحربي هو الكافر الذي ليس بيننا وبينه ذمة ولا عهد ولا أمان، يعني لا يصح الوقف على حربي، ولا على مرتد؛ لأن هؤلاء ليس لهم حرمة، ولا يُرَادون للبقاء، فإذا كان من شرط الوقف أن يكون الموقوف ذا بقاء، فالموقوف عليه من باب أولى، فهؤلاء ـ أي: الحربي والمرتد ـ الواجب قتلهم، إلا أن يسلموا، فإذا قال: هذا وقف على أخي، وأخوه حربي، فالوقف غير صحيح.

وإذا قال: هذا وقف على أخي، وأخوه لا يصلي فإنه لا يصح الوقف؛ لأنه إذا كان على معين فيشترط ألا يكون فيه إثم.

قوله: «وكنيسة» وهي متعبَّد النصارى، يعني بمنزلة المساجد للمسلمين، والبيعة لليهود، والصومعة للرهبان، فإذا وقف على الكنيسة فإن الوقف لا يصح، فَدُورُ الكُفْرِ لا يصح الوقف عليها لقوله تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].

وظاهر كلام المؤلف سواء كان المُوقِف مسلماً أو نصرانياً؛ لأنه إن كان مسلماً فالأمر ظاهر، وإن كان نصرانياً، فالحكم بصحة الوقف إعانة لهم على الإثم، ولا يحل، فإذا وقف النصراني على الكنيسة أبطلنا الوقف؛ لأن هذه جهة، والجهة لا بد أن تكون على بر.

وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا كان الذي أوقف على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015