وقوله: «أو حكم الوقف» كان الأولى أن يقول: «أو بما يدل على الوقف»؛ لأنه أعم.
فمثلاً إذا قال: صدقة لا تباع، فهذا اقترن به حكم الوقف بأنه لا يباع، أو صدقة لا ترهن كذلك، وما يدل عليه كما لو قال: تصدقت بهذا على زيد ومن بعده عمرو، فهذا ليس فيه حكم الوقف، لكن فيه ما يدل على الوقف، وهو أنه جعله مرتباً، إذ أن الصدقة المحضة إذا تصدق بها على زيد لم تنتقل إلى غيره، وإذا قال: تصدقت به على فلان والناظر فلان، فهذا وقف أيضاً؛ لأن النظر إنما يكون في الأوقاف، فالتعبير بقوله: أو ما يدل على الوقف، أولى من قوله: (من حكم الوقف) لأن حكم الوقف غير شامل.
ولم يذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ شروط الواقف، فيقال: يشترط في الواقف أن يكون عاقلاً، فلو قال المجنون: وقفت بيتي فإن الوقف لا يصح.
ويشترط أن يكون بالغاً، فلو قال مراهق: وقفت بيتي لطلبة العلم فلا يصح الوقف؛ لأنه غير بالغ.
وهل يشترط أن يكون جائز التبرع، بمعنى أنه ليس عليه دينٌ يستغرق مالَهُ؟ في هذا خلاف بين العلماء، وهو مبني على جواز تصرف من عليه دين، فإن قلنا بجواز تصرف من عليه دين يستغرق ماله، قلنا بجواز الوقف، وإن لم نقل ذلك قلنا: لا يصح وقفه.
والصحيح أنه لا يصح تبرعه؛ لأن من عليه دينٌ يستغرق ماله فقد شغله بالدين، وقضاء الدين واجب، والتبرع والصدقة مستحب، فلا يمكن أن نسقط واجباً بمستحب، فالصحيح أنه لا يصح منه