من الأغنياء ولا من الفقراء، ولا من الكرماء الذين لا يهتمون به، ولا من البخلاء، فالبخيل همته تتبع حتى قُلامة الظُّفْر كما قال الشاعر:

بَليتُ بِلى الأطلال إن لم أقف بها

وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه

فالشحيح لا عبرة به، والفقير ـ أيضاً ـ لا عبرة به؛ لأن الفقير أي شيء يضيع منه تتبعه همته، فلو ضاع منك عشرة ريالات لا تهتم بها، لكن لو ضاعت من فقير اهتم بها، ولهذا لو أعطاك شخص عشرة ريالات لا تهتم بها ولا تفرح بها ولا ترى أن هذا قدر لك، لكن لو يعطيها فقيراً فرح بها.

إذاً أوساط الناس خُلُقاً ومالاً، خلقاً يعني ليس من الكرماء الذين لا يهتمون بالأمور، ولا من البخلاء الذين همتهم تتبع كل شيء، فهذا المال لواجده إلا إذا كان يعلم صاحبه؛ ودليل ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وجد تمرة في الطريق فقال: «لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها» (?) لأن الصدقة محرمة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم نفلها وفرضها، وآل محمد صلّى الله عليه وسلّم يحرم عليهم الصدقة الواجبة دون النافلة، وسائر الناس إذا كانوا من أهل الزكاة يستحقون النافلة والواجبة.

وقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها» فيه إشكال، كيف يمتنع النبي صلّى الله عليه وسلّم منها مع أن الأصل الحل وأنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015