مثال ذلك: هذا الوادي زرع فيه إنسان، وصار يسقي زرعه منه، ثم جاء إنسان وتقدم إلى أعلى الوادي، فلا نعطي المتقدم؛ لأن الأول أحق لسبقه، لكن إذا قدرنا أنهم أحيوا جميعاً، أو أننا لا نعلم مَنْ المتقدم فإنه يقدم الأعلى، ودليل ذلك ما جاء في الحديث الصحيح من تشاجر الأنصاري والزبير بن العوام ـ رضي الله عنهما ـ في شِراج الحرة، حيث ينزل هذا الشراج إلى الحائطين جميعاً، فكان الزبير ـ رضي الله عنه ـ يسقي ثم يرسل إلى جاره من غير تقدير، فقال الجار: لا، لا بد أن يكون السقي بالسوية، بمعنى أنك إذا سقيت زرعك وكان الماء لا يكفي إلا زرعك فلا بد أن تجعل لي نصيباً منه، فتخاصما إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقضى للزبير؛ لأنه أحق، وقال له: اسق ثم أرسل إلى جارك، وأطلق، وهذا يحصل بأقل ما يسمى سقياً، ولكن الأنصاري أخذته الحمية وقال: أن كان ابن عمتك يا رسول الله؟! ـ عفا الله عنه ـ يعني كأنه ظن أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم راعى القرابة، وصلة القرابة واجبة فأراد ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن يقدم قرابته؛ لأن صلة القرابة واجبة، فظن ـ رضي الله عنه وعفا عنه ـ أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم راعى هذا وحكم للزبير، ويبعد جداً أن يكون الأنصاري أشار إلى حيف الرسول صلّى الله عليه وسلّم لكن لفظه يحتمله ولا شك، ولكن علينا أن نحسن الظن به، وأن نقول: إنه ظن أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أمر الزبير أن يسقي؛ لأنه كان من قرابته وكان هذا من صلة الرحم، فاحتفظ النبي صلّى الله عليه وسلّم للزبير بحقه فقال: «اسق حتى يصل إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015