المقابلة أشد من المخاطبة في الإبلاغ، ولو أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ امتنعوا في ذلك الوقت لفات بهذا تشريع هذه السنة؛ لأنه إذا امتنع منها الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فمن بعدهم من باب أولى، ولهذا كان أحسن الأقوال، وأصحها أن الفسخ واجب على الصحابة، ومن أجل ذلك غضب الرسول صلّى الله عليه وسلّم عليهم لما تباطؤوا في الفسخ، وأما من بعدهم فإنه سنة، وليس هذا من تقديم قول أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ لأن أبا بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ لا يريان ذلك، بل يريان أن يحج الإنسان حجاً مفرداً ويأتي بالعمرة في وقت آخر، لكن قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم أولى، فيقال: للإنسان أن يتمتع حتى في سفر حجه إلا أن الفسخ ليس بواجب على غير الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.

ولهذا لما سئل أبو ذر ـ رضي الله عنه ـ: ألكم هذه خاصة، أم للناس عامة؟ قال: بل لنا خاصة (?)، ومراده بنفي العموم نفي الوجوب، فيحمل كلام أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ على نفي الوجوب، وإلا فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم سأله سراقة بن مالك بن جعشم ـ رضي الله عنه ـ وقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد؟ قال: «بل لأبد الأبد» وشبك بين أصابعه (?)، وقال: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015