شرح مقدمة الزاد

قال المؤلف رحمه الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: «بسم الله»، الجار والمجرور متعلِّق بمحذوف فعلٍ مؤخَّرٍ مناسبٍ للمقام، فعندما تريد أن تقرأ تقدِّر: بسم الله أقرأُ، وعندما تريد أن تتوضَّأ تقدِّر: بسم الله أتوضَّأُ، وعندما تريد أن تذبحَ تقدِّر: بسم الله أذبحُ، وإنما قَدَّرناه فعلاً، لأن الأصلَ في العمل للأفعال، وقدَّرناه مؤخَّراً لفائدتين:

الأولى: التبرُّكُ بالبَداءة باسم الله سبحانه وتعالى.

الثانية: إفادةُ الحصر؛ لأن تقديم المتعلِّق يُفيد الحصر.

وقدّرناه مناسباً؛ لأنه أدلُّ على المُراد، فلو قلت مثلاً ـ عندما تريد أن تقرأَ كتاباً ـ: بسم الله أبتدئُ ما يُدْرَى بماذا تبتدئُ؟ لكن: بسم الله أقرأ، يكون أدلَّ على المراد الذي ابتدئ به.

قوله: «الله»، هو عَلَمٌ على الباري جلَّ وعلا، وهو الاسم الذي تَتْبَعُه جميعُ الأسماء، حتى إِنه في قوله تعالى: {كِتابٌ أنزلناهُ إِليكَ لتُخرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلماتِ إِلى النُّور بإِذنِ رَبهم إِلى صِراطِ العزِيزِ الحميدِ * اللَّهِ الذي لهُ ما في السَّماواتِ وما في الأَرضِ} [إبراهيم: 1، 2]، لا نقولُ: إِن لفظ الجلالة «الله» صفة، بل نقول: هو عطف بيان؛ لئلا يكون لفظُ الجلالة تابعاً.

قوله: «الرحمن»، من أسماء الله المختصَّة به، لا يُطلقُ على غيره، و «الرَّحْمن» معناه: المتَّصف بالرَّحمةِ الواسعةِ.

قوله: «الرَّحيم»، المُراد به ذو الرحمةِ الواصلةِ.

وإِذا جُمِعَا ـ الرَّحمن الرَّحيم ـ صار المُراد بالرَّحيم: الموصل رحمته إلى من يشاء من عباده، كما قال تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ *} [العنكبوت]، فهو ملحوظٌ فيه الفعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015