لما استيقظوا من نومهم: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} [الكهف: 19]، فهذا توكيل، وكَّلوا واحداً منهم أن يذهب إلى المدينة ويأتي بطعام، ويكون في ذهابه متلطفاً يعني مستتراً ما أمكنه، ولا يخبر عنهم؛ لأنهم قالوا: {لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}، وكانوا قد أووا إلى الغار خوفاً من ظلم رجل مشرك هربوا منه، لكن تغيرت الأحوال؛ لأنهم بقوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين، وهم أوصوه بهذه الوصايا بناء على بقاء الملك الأول.

وقال الله ـ تعالى ـ عن موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال لهارون: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} [الأعراف: 142]، وهذه وكالة، ووكل سليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ الهدهد فقال: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ} [النمل: 28].

أما من السنة: فقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه وكل في العبادات، ووكل في المعاملات، فوكل علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: «أن ينحر ما تبقى من هديه وأن يقسم لحومها وجلودها» (?)، ووكل رجلاً في أن يشتري له أضحية بدينار فاشترى الرجل اثنتين بدينار، وباع واحدة بدينار، ثم رجع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم بشاة ودينار، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «بارك الله لك في بيعك»، فكان لا يبيع شيئاً أو يشتريه إلا ربح فيه، حتى ولو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015