كان المدعي صادقاً، والمنكر ـ المدعى عليه ـ كاذباً، فالأرض حرام على المدعى عليه كالأرض المغصوبة تماماً، وإن كان بالعكس، المدعى عليه هو المحق والمدعي هو المبطل، فالعوض الذي أخذه عن الأرض وهو الدراهم تكون حراماً عليه، وهذا واضح ويتمشى مع القواعد الشرعية؛ لأن كلَّ من أخذ شيئاً بغير حق فهو حرام عليه؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: إنكم تختصمون إليَّ ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له، وإنما أقضي بنحو ما أسمع، فمن اقتطعت له شيئاً من مال أخيه فإنما أقتطع له جمرة من النار فليستقل أو ليستكثر (?)، فجعل النبي صلّى الله عليه وسلّم هذا الحكم له جهتان، جهة الظاهر يحكم بحسب الظاهر، وجهة الباطن يعذب على حسب الباطل، لو كان الحكم الظاهر يقضي على الحكم الباطن، لكان إذا حكم لأخيه بشيء حسب الدعوى لا تكون قطعة من النار، لكنها إذا كانت دعوى باطلة كانت قطعة من النار.
قوله: «ولا يصح بعوض عن حد سرقة» لأن حد السرقة لله ـ عزّ وجل ـ فلا يمكن أن يأخذ المخلوق عوضاً عنه، وإذا بلغت الحدود السلطان فلا شفعة، وإنما مثل المؤلف بالسرقة؛ لأنها تتعلق بالآدمي، بدليل أن المسروق منه لو لم يطالب لم تقطع يد السارق، بدليل قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ لصفوان بن