قوله: «باب الصلح» الصلح مصدر صالح يصالح صلحاً، ويشتق منه ـ أيضاً ـ أصلح يصلح إصلاحاً، وهو في اللغة قطع النزاع.
والصلح عقد يحصل به قطع النزاع بين المتخاصمين، هذا هو الأصل، وله أنواع كثيرة، ويتعلق بجميع الحقوق المالية وغيرها، فكلها يمكن أن يقع فيها الصلح، قال الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128].
وهذا فيما بين الزوجين من حقوق، وقال الله تعالى: {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114]، وجاز شرعاً أن يكذب الإنسان من أجل السير إلى الصلح والمصالحة بين الناس، وحث الشرع على الإصلاح بين الناس، وثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه صالح المشركين في غزوة الحديبية (?)، وهذا فيما يقع بين المسلمين والمشركين من العهود.
ولكن يمتنع الإصلاح في حالة واحدة، وهي ما إذا تبين للقاضي أن الحق مع أحد الخصمين، فإن الصلح هنا ممتنع ولا يجوز ما لم يبين لصاحب الحق أن الحق له، ثم يطلب منه الصلح؛ لأنه يوجد قضاة علمهم ضعيف، فكل مسألة ترد عليهم يجعلونها صلحاً، وهذا حرام ولا يجوز.