فقال: «من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم» (?)، وجه الدلالة من الحديث أن السلم لا بد فيه من تقديم الثمن وتأخير المثمن وهذا نسيئة وقد أقره النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومعلوم أن الإسلاف يكون في الدراهم وهي موزونة، أو في الدنانير وهي موزونة، ولهذا قال: «أو وزن معلوم» فدل هذا على أنه إذا كان أحدهما نقداً فإنه يصح النساء؛ لئلا ينسد باب السلم في الموزونات؛ لأننا لو لم نقل بهذا الاستثناء لم يصح السلم في الموزونات إذا كان الثمن دراهم أو دنانير.

ومعلوم أنه إذا كان أحدهما نقداً واشتري به مكيل أنه يجوز فيه النساء؛ لأنهما اختلفا في علة ربا الفضل، لكن المشكل الذي يرد عليه هذا الاستثناء هو إذا أسلف في شيء موزون، فلولا هذا الاستثناء لقلنا: لا يجوز الإسلاف في الموزون إلا إذا أسلف غير الذهب والفضة.

والتعليل: لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لو لم يجوِّز النَّساء في بيع النقد في الموزون لانسد باب السلم في الموزونات غالباً، ومعنى قولنا: غالباً أنه ربما نقول: إن السلم في الموزونات لا ينسد ونجعل الثمن مكيلاً، فيقول مثلاً: أسلمت إليك مائة صاع من البر بطن من الحديد، فهنا يجوز النساء؛ لأن العلة مختلفة، فهما لم يتفقا في علة ربا الفضل، ولهذا نقول: لانسد باب السلم في الموزونات غالباً، ولا نقول: دائماً، لأنه يمكن السلم في غير الموزون، كالمكيل، والحيوان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015