قوله: «فصل» أي: في ربا النسيئة، فالذي سبق البحث فيه ربا الفضل.
وربا النسيئة وهو تأخير التقابض في بيع الربويين وهو الأصل، ومن أجله حَرُمَ ربا الفضل، كما جاء في حديث أسامة بن زيد: «إنما الربا في النسيئة» (?)، وقد اختار ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ هذا في أول الأمر، وقال: إن ربا الفضل جائز، وأنك إذا بعت صاعين من البر بصاع يداً بيد فهو جائز، لكن لما ناظره أبو سعيد الخدري (?) وغيره من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ رجع عن قوله.
ويُشكل على طالب الدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الربا في النسيئة»، لأن (إنما) من أدوات الحصر، وتكون النتيجة لا ربا إلا في النسيئة.
وأجاب العلماء عن ذلك أن هذا الحصر منقوض بالأحاديث الصحيحة الدالة على ثبوت ربا الفضل، والذي قال: «إنما الربا في النسيئة»، هو الذي قال: «مثلاً بمثل سواءً بسواء، فمن زاد أو استزاد فقد أربا» (?).
فإذا قال قائل: إذا كان كذلك، فلماذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الربا في النسيئة»؟