وقال بعض أهل العلم: إنه يصح القياس؛ لأن المقصود دفع الحاجة.
والأقرب عندي: صحة ذلك، أنه لو كانت الحاجة لصاحب الرطب فلا بأس؛ إذ إن المقصود دفع حاجة الإنسان، فلا فرق بين كونه هو البائع أو المشتري.
فإن قال قائل: وهل تجوز العرايا في غير النخل؟ كإنسان عنده زبيب وأراد أن يشتري به عنباً يتفكه به، فهل يجوز أو لا؟
فالجواب: في هذا خلاف بين العلماء، منهم من قال: إنه يجوز قياساً على التمر، والزبيب طعام كما في حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ في زكاة الفطر قال: «وكان طعامنا يومئذ التمر والشعير والزبيب والأقط» (?)، فهو طعام، فإذا احتاج الإنسان إلى عنب، وليس عنده إلا زبيب فلا بأس بالشروط التي ذكرنا في العرية، وهذا ـ أيضاً ـ أقرب إلى الصواب من المنع واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ؛ لأن العلة التي من أجلها رخص في عرايا النخل موجودة في عرايا العنب، وهكذا ما كان مثله مما يحتاج الناس للتفكه به وليس عندهم مال.
والدليل على منع بيع الرطب بالتمر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سئل «عن بيع الرطب بالتمر، فقال: أينقص إذا جف؟ قالوا: نعم، فنهى عن ذلك» (?)، فأراد صلّى الله عليه وسلّم أن يكون السائل مقتنعاً تماماً، فقال: «أينقص