عهده ينتقض، ولا إشكال فيه، بل إن الجاسوس وإن كان مسلماً يجب أن يقتل إذا تجسس للعدو، والدليل على ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما اطلع على الجاسوس الذي تجسس لقريش وهو حاطب بن أبي بلتعة ـ رضي الله عنه ـ وعلم به، استأذن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن يقتله فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنه من أهل بدر، وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (?)، فجعل النبي صلّى الله عليه وسلّم الجاسوسية مبيحة للدم، لكن وجد مانع وهو كونه من أهل بدر، وهذه العلة لا توجد في عهدنا الآن، فإذا وجد إنسان، جاسوس يكتب بأخبارنا إلى العدو، أو ينقلها مشافهة، أو ينقلها عبر الأشرطة، فإنه يجب أن يقتل حتى لو تاب؛ لأن ذلك كالحد لدفع شره، وردع أمثاله عن ذلك.
قوله: «أو إيواء جاسوس» أي: لم يتجسس لكنه آوى جاسوساً وتستَّر عليه، فإن عهده ينتقض؛ لأنه لما آوى الجاسوس، رضي بالجاسوسية، وهذا إضرار بالمسلمين.
قوله: «أو ذكر الله، أو رسوله، أو كتابه بسوء» وينبغي أن يلحق: «أو شريعته»، فإذا ذكر الله بسوء، فسبَّ الله كما قالت اليهود: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64]، فإذا قال: يد الله مغلولة، أو قال: إِن الله فقير، فإن عهده ينتقض؛ لأنه ذكر الله بسوء، أو قال: إن الله لم يعدل حيث جعل لأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم كفلين من الأجر، وجعل لغيرهم كفلاً واحداً، وهذا غير عدل فإنه ينتقض