مثال آخر: استيقظ رجلٌ فوجد عليه بللاً، ولم يرَ احتلاماً، فشكَّ هل هو منيٌّ أم لا؟ فلا يجب عليه الغسل للشَّكِّ.
ولو رأى عليه أثر المنيِّ وشكَّ هل هو من الليلة البعيدة أم القريبة؟ يجعله من القريبة لأنها مُتيقَّنة، وما قبلها مشكوك فيه.
ودليل ذلك حديث أبي هريرة، وعبد الله بن زيد رضي الله عنهما في الرَّجُل يجد الشيءَ في بطنه، ويُشْكِلُ عليه: هل خرج منه شيء أم لا؟ فقال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا ينصرف حتى يسمعَ صوتاً، أو يجد ريحاً» (?)، وفي حديث أبي هريرة: «لا يخرج» (566)، أي: من المسجد «حتى يسمعَ صوتاً أو يجدَ ريحاً» (566) مع أن قرينةَ الحَدَثِ موجودةٌ، وهي ما في بَطْنِهِ من القرقرة والانتفاخ.
وقوله: «أو بالعكس»، يعني أن من تَيَقَّنَ الحدثَ وشكَّ في الطَّهارة، فالأصْل الحدث.
ويُستدلُّ لهذه المسألة بحديث أبي هريرة، وعبد الله بن زيد من باب قياس العكس.
وقياس العكس ثابت في الشَّريعة، قال صلّى الله عليه وسلّم: «وفي بُضْعِ أحدكم صدقة»، قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدُنا شهوَتَه، ويكون له فيها أجْرٌ؟ قال: «نعم، أرأيتم لو وَضَعَها في حرام؛ أكان عليه وِزْر؟»، قالوا: نعم، فقال: «فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجرٌ (?) .........