إن فاته بتفريط منه فعليه القضاء، وإن فاته بغير تفريط منه كما لو أخطأ في دخول الشهر فظن أن اليوم الثامن هو التاسع، ولم يعلم بثبوته فلا قضاء عليه، وهذا القول الذي فصلنا فيه قول وسط بين من يقول يلزمه القضاء ومن يقول لا يلزمه القضاء.
فالأقوال إذاً ثلاثة:
الأول: المذهب يلزمه القضاء.
الثاني: لا يلزمه القضاء، وهو الذي قدمه الموفق في المقنع.
الثالث: التفصيل، فإن فاته بتفريط منه لزمه القضاء، وإن كان بغير تفريط منه لم يلزمه القضاء.
وهذا هو القياس التام على الإحصار؛ لأن المحصر منع من إتمام النسك بدون اختياره.
مسألة: لم يتعرض المؤلف ـ رحمه الله ـ إلى مسألة ما إذا أخطأ الناس في يوم الوقوف بأن وقفوا، ثم ثبت ثبوتاً شرعياً أن وقوفهم كان في غير يوم عرفة، فهل حجهم صحيح أو باطل؟ وهذا في الوقت الحاضر قد يكون متعذراً، ولكن فيما سبق ربما يقف الناس، ثم يثبت ببينة أن وقوفهم كان في اليوم العاشر، وأن الهلال هلَّ قبل أن يراه الناس في مكة، فهل يلزمهم القضاء؟
الجواب: لا؛ لأن الهلال اسم لما اشتهر عند الناس؛ ولأنهم فعلوا ما أمروا به، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» (?)، فهؤلاء غم عليهم في هذه الحجة