تمييز، والمجنون ليس له عقل، فإذا جاز أن يحرم عن صبيه الذي ليس له تمييز، فإنه يجوز أن يحرم عن المجنون، وبناءً على هذا القول لا إشكال؛ لأنه سيحرم عنه وليّه وهو مجنون، ويبقى محرماً، فإذا عقل بعرفة صح أن نقول: إنه زال جنونه بعرفة، وهو محرم.
وأما إذا قلنا: إن المجنون لا يصح إحرامه بنفسه ولا بوليّه، فإنه يحمل كلام المؤلف على ما إذا طرأ عليه الجنون بعد الإحرام، وهنا إشكال آخر وهو: ألا يبطل إحرامه بالجنون؟
نقول: لا يبطل الإحرام بالجنون، بل يبقى على إحرامه، ثم إن زال جنونه بعرفة أتمه، وإن زال بعد عرفة فإنه قد فاته الحج ويتمه عمرة، وإن بقي على جنونه، فإنه يكون كالمُحصر، أي: أنه يتحلل، ويذبح هدياً إن تيسر، هذا إن قلنا: إن الحج لا يبطل بالجنون.
أما إذا قلنا بالقول الثاني: إنه يبطل بالجنون، فإنه إذا جُن في أثناء الإحرام بطل حجه.
ولو قيل بالتفصيل: أنه إذا كان من عادته أن يجن يوماً أو ليلة ثم يفيق؛ فالنسك لا يبطل وإن كان لا يدرى عنه، فهنا يتوجه القول بالبطلان؛ لأنه صار غير أهل للعبادة.
وكذا لو زال الصبا في الحج بعرفة، والصبا، أي: الصغر وذلك بأن يبلغ بعرفة، وهل يمكن أن يبلغ بعرفة؟
الجواب: نعم يمكن، ويكون إما بالسن أو بالاحتلام، فبالسن بأن يكون هذا الصبي قد ولد في منتصف يوم عرفة،