لا قتال فيه، الحج والعمرة» (?)، فقوله: «عليهن» ظاهر في الوجوب؛ لأن «على» من صيغ الوجوب، كما ذكر ذلك أهل أصول الفقه، وعلى هذا فالعمرة واجبة ولكن هل هي واجبة على المكي؟
في هذا خلاف في مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ، فالإمام أحمد نص على أنها غير واجبة على المكي، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، بل إن شيخ الإسلام يرى أن أهل مكة لا تشرع لهم العمرة مطلقاً، وأن خروج الإنسان من مكة ليعتمر ليس مشروعاً أصلاً، ولكن في القلب من هذا شيء؛ لأن الأصل أن دلالات الكتاب والسنة عامة، تشمل جميع الناس إلا بدليل يدل على خروج بعض الأفراد من الحكم العام.
واستدل بعض العلماء على وجوب العمرة بقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]. فهل يسلم لهم هذا الاستدلال؟
الجواب: يمكن ألا يسلم لهم؛ لأن هناك فرقاً بين الإتمام وبين الابتداء، فالآية تدل على وجوب الإتمام لمن شرع فيهما؛ لأن هذه الآية نزلت في الحديبية قبل أن يفرض الحج، إذ الحج لم يفرض إلا في السنة التاسعة، والحديبية كانت في ذي القعدة من السنة السادسة، ولهذا لو شرع الإنسان في الحج أو العمرة في كل سنة، قلنا: يجب عليك أن تتم، أما ابتداءً فلا يلزم الحج إلا مرةً واحدة.