فإذا جاء وقت صلاة الاستسقاء، وارتفعت الشمس قيد رمح يُنادى: الصلاةُ جامعة؛ ليحضر الناس؛ قياساً على صلاة الكسوف.
والمذهب: يرون أنه ينادى للكسوف، والعيد، والاستسقاء.
ولكن ما ذكره الأصحاب في المناداة للعيد، والاستسقاء، ضعيف جداً؛ وذلك لما يلي:
أولاً: أنه خلاف هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، فالعيد وقع في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يكن ينادى لها، وصلاة الاستسقاء كذلك لم يكن ينادى لها، وقد ذكرنا قاعدة فيما سبق: (أن كل شيء وجد سببه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يشرع له شيء من العبادات فشرع شيء من العبادات، من أجله يكون بدعة)، لأننا يلزمنا الوقوف عند الشرع، عند أسبابه، وعند جنسه، وهيئته.
ثانياً: أن إلحاق ذلك بصلاة الكسوف غير صحيح أيضاً، أي: أنه يمتنع القياس؛ لأن صلاة الكسوف تأتي على غير تأهب بغتة، وصلاة العيد معلومة من قبل، والناس يتأهبون لها، وكذلك الاستسقاء، وقد سبق في كلام المؤلف أنه قال: «إن الإمام يعدهم يوماً يخرجون فيه»، فالصلاة معلومة الوقت.
ولو قال قائل: إننا اليوم نعلم بالكسوف متى يحصل ابتداء وانتهاء، وفي أي وقت من نهار أو ليل؟
فنقول: حتى في هذه الحال ينادى الصلاة جامعة؛ لأن الحسّابين قد يخطئون، ونحن قد علقت الصلاة منّا بوجود الكسوف لا بالعلم به، قال صلّى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموهما فصلوا وادعوا» (?).