واستدلوا على كونها سنّة بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم رخّص لمن حضر العيد أن يقوم ولا يحضر الخطبة (?)، ولو كانت واجبة لوجب حضورها، هكذا قالوا.
ولكن هذا التعليل عليل في الواقع؛ لأنه لا يلزم من عدم وجوب حضورها عدم وجوبها، فقد يكون النبي عليه الصلاة والسلام أذن للناس بالانصراف، وهي واجبة عليه فيخطب فيمن بقي، ثم إن الغالب ولا سيما في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه لا ينصرف أحد إلا من ضرورة، ولهذا لو قال أحد بوجوب الخطبة، أو الخطبتين في العيدين لكان قولاً متوجهاً؛ ولأن الناس في صلاة العيد في اجتماع كبير لا ينبغي أن ينصرفوا من غير موعظة وتذكير.
قوله: «ويكره التنفل قبل الصلاة وبعدها في موضعها»، أي: يكره لمن حضر صلاة العيد أن يتطوع بنفل قبل الصلاة أو بعدها في موضعها، أي: موضع صلاة العيد، فيكره التنفل قبل الصلاة أو بعدها في الموضع، أما في بيته فلا كراهة.
وقول المؤلف: «يكره»، ظاهره أنه مكروه للإمام وغير الإمام.
والدليل على ذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى مصلى العيد وصلى العيد ركعتين لم يصلِّ قبلها ولا بعدها (?).
وفي هذا الاستدلال نظر؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى مصلى العيد ليصلي بالناس فصلى بهم، ثم انصرف، كما أنه يوم الجمعة