فننحرف عنها، ونستغفر الله (?).
وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تستقبلوا ولا تستدبروا» نَهيٌ، والأصلُ في النهي التَّحريم.
والحديث يفيد أن الانحرافَ اليسير لا يكفي؛ لأنه قال: «ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا»، وهذا يقتضي الانحراف التَّام. ولكن: «شرِّقوا أو غرِّبوا» لقوم إِذا شرَّقوا أو غربوا لا يستقبلون القِبْلة، ولا يستدبرونها كأهل المدينة، فإنَّ قبلتهم جهة الجنوب، فإِذا شرَّقوا، أو غرَّبوا صارت القبلة إما عن أيمانهم، أو عن شمائلهم، وإِذا شرَّق قوم أو غرَّبوا، واستقبلوا القبلة، فإِن عليهم أن يُشَمِّلُوا، أو يُجَنِّبوا.
وأما التَّعليل: فهو احترام القِبْلة في الاستقبال والاستدبار.
قوله: «في غير بُنْيَان»، هذا استثناءٌ، يعني: إِذا كان في بنيان فيجوز الاستقبال والاستدبار؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «رَقِيْتُ يوماً على بيت أختي حفصة، فرأيت النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قاعداً لحاجته مستقبلَ الشَّام مستدبر الكعبة» (?)، وهذا المشهور من المذهب، بل قالوا رحمهم الله: يكفي الحائل وإِن لم يكن بُنياناً، كما لو اتَّجه إلى كَوْمَةٍ من رمل أقامها وكان وراءها، أو إِلى شجرة ما أشبه ذلك (?).