ودليل ذلك: حديث وائل بن حُجْر «أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم صَلَّى فَرَفَعَ يديه عند تكبيرة الإِحرام، ثم التحفَ بثوبه، ثم وَضَعَ يده اليُمنى على اليُسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب، ثم رَفَعَهما، ثم كبَّر فركع» (?) وهذا الحديث في «صحيح مسلم»، وفيه دليل على أنه لا بأس للمصلِّي إذا كان عليه مشلح مثلاً وأراد أن يكفَّ بعضه على بعض، ولا يدخل هذا في قوله: «لا أكفُّ شعراً ولا ثوباً» (?) لأن كلَّ شيء بحسبه، ومن هنا يتبيَّن أن كَفَّ الغُترة في حال الصَّلاةِ إلى الخلف لا بأس به، لأنه من اللبس المعتاد، فما كففتها كفًّا أخرجها عن ما يعتاده الناس فيها، وكذلك لو لفَّها على رقبته فإنه لا بأس به أيضاً؛ ولو كَفّ أحد طرفي غترته حول رقبته، وسدلَ الأخرى، فإنه لا بأس به أيضاً؛ لأن كلَّ هذه من الألبسة المعتادة، فلا تُعَدُّ كفاً خارجاً عن العادة، ولهذا التحفَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بردائه كما سبق، والالتحاف كفُّ بعضه على بعض.
قوله: «وقتل حية وعقرب» أي: له قَتْلُ حَيَّة، واللام هنا للإباحة، ولكن الإباحة هنا لبيان رَفْعِ الحرج، فلا ينافي أن يكون ذلك مستحبًّا ومشروعاً، فللمصلِّي أن يقتل الحيَّةَ، بل يُسَنُّ له ذلك؛ لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أَمَرَ به فقال: «اقتلوا الأسْودَين في الصَّلاةِ: الحيَّةَ والعقربَ» (?).