الشاهد واليمين، قال عبد العزيز بن محمد الدراوردي: حدثني به ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل، فلقيت سهيلا فسألته عنه فلم يعرفه، فقلت: إن ربيعة حدثني عنك بكذا، فكان سهيل بعد ذلك يقول: حدثني ربيعة عني أني حدثته عن أبي به. ونظائره كثيرة).
سوى الحافظ بين مسألة الجحد والتكذيب ومَثَّل لأحدهما بالأخرى - وتبعه السيوطي في التدريب وسيأتي كلامه -، وقد نقل ابن حجر عن أهل الحديث التفريق بينهما فقال في "الفتح" (2/ 326): (لأهل الحديث فيه تفصيل قالوا إما أن يجزم برده أو لا وإذا جزم فإما أن يصرح بتكذيب الراوي عنه أو لا فإن لم يجزم بالرد كأن قال لا أذكره فهو متفق عندهم على قبوله؛ لأن الفرع ثقة والأصل لم يطعن فيه وإن جزم وصرح بالتكذيب فهو متفق عندهم على رده؛ لأن جزم الفرع بكون الأصل حدثه يستلزم تكذيب الأصل في دعواه أنه كذب عليه وليس قبول قول أحدهما بأولى من الآخر وإن جزم بالرد ولم يصرح بالتكذيب فالراجح عندهم قبوله).
والراجح هو القبول مطلقا إذ أن المسألة مفترضة في الراوي الثقة، وهو في جميع الحالات مثبت ومؤكد لصحة روايته، والمثبت مقدم على النافي.
قال السيوطي في "تدريب الراوي" (1/ 395): ((إذا روى) ثقة عن ثقة (حديثا ثم نفاه المسمع) لما روجع فيه (فالمختار) عند المتأخرين (أنه إن كان جازما بنفيه بأن قال ما رويته) أو كذب علي (ونحوه وجب رده) لتعارض قولهما ... ومقابل المختار في الأول عدم رد المروي، واختاره السمعاني وعزاه الشاشي للشافعي، وحكى الهندي الإجماع عليه، وجزم الماوردي والروياني بأن ذلك لا يقدح في صحة الحديث إلا أنه لا يجوز للفرع أن يرويه عن الأصل ... ومن شواهد القبول ما رواه الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال: «كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير».
قال عمرو بن دينار ثم ذكرته لأبي معبد فقال: لم أحدثكه، قال عمرو: قد حدثتنيه.
قال الشافعي: كأنه نسيه بعد ما حدثه إياه، والحديث أخرجه الشيخان من حديث ابن عيينة).
قال الشيخ أبو بكر كافي في "منهج الإمام البخاري" (ص:93) عقب ذكره للحديث السابق: (وهذا يدل على أن البخاري ومسلماً يذهبان إلى صحة الحديث ولو أنكره راويه إذا كان الناقل عنه عدلاً، وأن ذلك لا يقدح في عدالة أصل الراوي ولا في عدالة الفرع