-[قال الحافظ: (وإن روى عمن دونه: فالأكابر عن الأصاغر، ومنه الآباء عن الأبناء، وفي عكسه كثرة، ومنه من روى عن أبيه عن جده).]-
قال القاري في "شرح النخبة" (ص:636) ما ملخصه: ((وإن روى الراوي عمن هو دونه في السن، أو في اللقي، أو في المقدار). وحاصله: أن هذا النوع أقسام:
أحدها: أن يكون الراوي أكبر سنا، وأقدم طبقة كالزهري، ويحيى بن سعيد عن مالك. ثانيها: أن يكون أكبر قدرا في الحفظ والعلم، كمالك عن عبد الله بن دينار، وأحمد وإسحاق عن عبيد الله بن موسى.
ثالثها: أن يكون أكبر من الجهتين كرواية العبادلة عن كعب، وكرواية كثير من العلماء عن تلاميذهم. (فهذا النوع هو رواية الأكابر عن الأصاغر) هو نوع مهم تدعو لفعله الهمم العلية، والأنفس الزكية، ولذا قيل: لا يكون الرجل محدثا حتى يأخذ عمن فوقه، ومثله ودونه. وفائدة ضبطه: الخوف من ظن الانقلاب في السند مع ما فيه من العمل بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " أنزلوا الناس منازلهم "، وإلى ذلك أشار ابن الصلاح بقوله: ومن الفائدة فيه أن لا يتوهم كون المروي عنه أكبر أو أفضل، نظرا إلى أن الأغلب كون المروي عنه كذلك، فتجهل بذلك منزلتهما، والأصل فيه رواية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حديث الجساسة عن تميم الداري، كما في صحيح مسلم.
(ومنه، أي من جملة هذا النوع - وهو أخص من مطلقه - رواية الآباء عن الأبناء) وفائدة ضبطه الأمن من التحريف الناشئ عن كون الابن أبا في: " عن أبيه " مثلا، وفيه أمثلة كثيرة كقول أنس: حدثتني ابنتي أمينة: أنه دفن لصلبي إلى مقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومئة "، وكروايته أيضا عن ابنه ولم يسمه، وكرواية عمر بن الخطاب عن ابنه عبد الله، وكرواية العباس عم النبي عليه الصلاة والسلام عن ابنه الفضل حديث " الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة ".
(والصحابة) أي ومنه رواية الصحابة (عن التابعين) كرواية أنس عن كعب الأخبار، (والشيخ عن تلميذه) كرواية البخاري عن أبي العباس السراج، (ونحو ذلك) كرواية التابعين عن الأتباع كالزهري عن مالك.
(وفي عكسه) أي رواية الراوي عمن فوقه في السن، أو اللقي، أو المقدار، وهو المعبر عنه برواية الأصاغر عن الأكابر، (كثرة؛ لأنه هو الجادة) أي الطريق المستوية المستقيمة، (المسلوكة الغالبة، وقد صنف الخطيب في رواية الآباء عن الأبناء تصنيفا،