خاتمة:

معرفة طبقات الرواة.

-[قال الحافظ: (ومن المهم: معرفة طبقات الرواة).]-

قال القاري في "شرح النخبة" (ص/717) ما ملخصه: ((ومن المهم عند المحدثين معرفة طبقات الرواة وفائدته الأمن من تداخل المشتبهين) بالتثنية، ويحتمل الجمع، قال السخاوي: كالمتفقين في اسم، أو كنية أو نحو ذلك كما في المتفق والمفترق (وإمكان الاطلاع على تبيين التدليس، والوقوف على حقيقة المراد من العنعنة) وهو الاتصال وعدمه. قال التلميذ: يعني هل هي محمولة على السماع، أو مرسلة أو منقطعة.

(والطبقة) وهي في اللغة: القوم المتشابهون على ما ذكره السخاوي (في اصطلاحهم عبارة عن جماعة) أي من أهل زمان (اشتركوا في السن) أي ولو تقريبا كما صرح به السخاوي (ولقاء المشايخ) أي الأخذ عنهم، وربما اكتفوا بالاشتراك في التلاقي وهو غالبا لازم للاشتراك في السن نبه عليه السخاوي، وربما يكون أحدهما شيخا للآخر.

(وقد يكون الشخص الواحد من طبقتين باعتبارين كأنس بن مالك) وكغيره من أصاغر الصحابة. (فإنه) أي أنسا. (من حيث ثبوت صحبته للنبي صلى الله تعالى عليه

وسلم يعد) أي يحسب. (في طبقة العشرة) أي المبشرة وغيرهم من أكابر الصحابة كابن مسعود. (ومن حيث صغر السن يعد) أي أنس أيضا مثلا (في طبقة من بعدهم) أي غير العشرة من أصاغر الصحابة كابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير.

(فمن نظر إلى الصحابة باعتبار الصحبة) أي مطلقا (جعل الجميع) أي جميعهم من الصغير والكبير (طبقة واحدة كما صنع ابن حبان وغيره) فعلى هذا يكون الصحابة بأسرهم طبقة أولى، والتابعون طبقة ثانية، وأتباع التابعين طبقة ثالثة، وهلم جرا. وهذا هو المستفاد من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " خير القرون قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " الحديث. (ومن نظر إليهم باعتبار قدر زائد كالسبق إلى الإسلام) أو إلى الهجرة. (أو شهود المشاهد الفاضلة) كبدر، وأحد، وبيعة الرضوان. (جعلهم طبقات) بحسب ما يقتضيهم من درجات، (وإلى ذلك جنح صاحب الطبقات أبو عبد الله محمد بن سعد البغدادي، وكتابه أجمع ما جمع في ذلك) أي في ذلك الباب من استيعاب الأصحاب، فجعلهم خمس طبقات، والحاكم أثنى عشر طبقة: الذين أسلموا بمكة كالخلفاء الأربعة، ثم أصحاب دار الندوة، ثم مهاجرة الحبشة، ثم أصحاب العقبة الأولى، ثم الثانية - وأكثرهم من الأنصار - ثم أول المهاجرين الذين لقوه لقيا قبل دخول مكة، ثم أهل بدر، ثم المهاجرين بين بدر والحديبية، ثم أصحاب بيعة الرضوان، ثم من هاجر بين الحديبية وفتح مكة، كخالد بن الوليد، ثم مسلمة الفتح كمعاوية وأبيه، ثم الصبيان والأطفال الذين رأوه صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وفي حجة الوداع، وغيرهم كالسائب بن يزيد وأبي الطفيل.

(وكذلك من جاء بعد الصحابة وهم التابعون، من نظر إليهم باعتبار الأخذ عن بعض الصحابة فقد جعل الجميع طبقة واحدة كما صنع ابن حبان أيضا، ومن نظر إليهم باعتبار اللقاء) أي من حيث كثرته وقلته، وأخذه عن بعضهم وعدمه (قسّمهم كما فعل محمد بن سعد) أي أيضا حيث جعلهم ثلاث طبقات، وكذا مسلم في كتاب الطبقات، وربما بلغ بهم أربع طبقات، وقال الحاكم في علوم الحديث: هم خمس عشرة طبقة، آخرهم من لقي أنس بن مالك من أهل البصرة، ومن لقي عبد الله بن أبي أوفى من أهل الكوفة، ومن لقي السائب بن يزيد من أهل المدينة، والطبقة الأولى من روى عن العشرة المبشرة بالسماع منهم. (ولكل منهما وجه)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015