وقولنا: (بِالذَّاتِ) خرج ما يستلزم لا لذاته بل لأمر خارج، كقياس المساواة وهو المركب من قضيتين قياس المساواة استدل به أن القياس يتركب من قضيتين والنتيجة تلزم لا لذات القضيتين بل لأمر خارج معهود، مثل ماذا؟ قال: وهو المركب من قضيتين متعلق محمول إحداهما موضوع الأخرى، كقولنا: زيد مساو لعمرو، انتبه زيد مساوٍ لعمرو، وعمرو مساو لبكر، فإنه يستلزم ماذا؟ زيد مساو لبكر. إذا قلت: هذا زيد مساو لعمرو، وعمرو مساو لبكر، إذًا زيد مساو لبكر هذه النتيجة، لكن هذه هل هي لذات المقدمتين؟ لا، ليست لذات المقدمتين، لماذا؟ لأن الواسطة هنا معهودة في الذهن، الاستلزام هنا ليس لذات المقدمتين بل لأمر خارج عنه، وهو أن مساوٍ لمساوٍ لشيء مساوٍ لذلك الشيء، إذا ساوى الشيء الشيء وهذا كان مساويًا لهذا لزم منه أن يكون هذا مساويًا لهذا، فهي مقدمة أو أمر معهود خارجًا عن القياس هذا يسمى ماذا؟ عكس المساواة، فالواسطة حينئذ تكون معهودة في الذهن وهو صدق مقدمة أجنبية لم تُذكر في القياس، وهذه المقدمة هي أن مساوي المساوي لشيءٍ مساوٍ لذلك الشيء [نعم]
إِنَّ القِياسَ مِنْ قَضايا صُوِّرا ... مُسْتَلْزِماً بِالذَّاتِ قَوْلاً آخَرا
هذه معنى القياس.
ثم قال:
ثُمَّ القِيَاسُ عِنْدَهُمْ قِسْمَانِ ... فَمِنْهُ مَا يُدْعى بِالاقْتِراني
القياس الذي هو الحجة والبرهان قسمان، يعني بالاستقراء والتتبع، الأول يسمى الاقتراني والثاني يسمى الشرطي، وهو الذي سيذكره بعنوان ليس بالشرطي وإنما بالاستثنائي، فصل في القياس الاستثنائي، ولذلك قال:
وَمِنْهُ مَا يُدْعَى بِالاسْتِثْناءِ ... يُعْرَفُ بِالشَّرْطِ بِلا امْتِرَاءِ