إذًا (خُلْفُ القَضِيَّتَيْنِ) في ماذا؟ (فِيْ كَيْفٍ)، اختلفتا في السلب والإيجاب، زيد قائم، زيد ليس بقائم، إذًا كل منهما الموضوع والمحمول متحدان زيد وزيد، قائم وقائم إلا أنه في الأول أثبت القيام لزيد، وفي الثانية نفي القيام عن زيد، هذا يسمى اختلاف القضيتين في السلب والإيجاب، يعني في الكيف، (وَصِدْقُ واحِدٍ) أي واحدة من القضيتين، والتذكير هنا (وَصِدْقُ واحِدٍ) باعتبار كونها قولاً، لأن القضية تسمى قضية، وتسمى خبرًا، والخبر مذكر، وكذلك القول، القول مذكر، وهنا (وَصِدْقُ واحِدٍ) منهما فحينئذ يكون ماذا؟ يكون التذكير هنا باعتبار كونها قولاً، (وَصِدْقُ واحِدٍ) يعني واحدة، أي وكذب الأخرى، أو الآخر، إذا ذكرنا صدق واحد أي واحدة وكذب الأخرى، أو وكذب الآخر إذا راعينا لفظ واحد، فحينئذ يكون التناقض متى؟ إذا كان على جهة الإثبات والسلب زيد قائم، زيد قائم هذا ليس بينهما تناقض لأن كلا منهما صادق، لأن كلا منهما إيجاب زيد ليس بقائم، زيد ليس بقائم كل منهما سلب، وإنما يقع التناقض متى؟ إذا كان إحدى القضيتين على جهة الإثبات، والثانية كانت على جهة السلب فحينئذ يقع التناقض، إحداهما صادقة والأخرى كاذبة، هكذا التناقض لا يكون كل من القضيتين صادقتين ولا يكون كل من القضيتين كاذبتين، بل تكون إحداهما صادقة والأخرى كاذبة، لماذا؟ لأنه يشترط هنا في التناقض أن يكون المحل والزمن واحدًا، اتحاد الزمن واتحاد المحل، وإذا قلت: زيد صائم زيد ليس بصائم يعني في اليوم هذا الذي نتحدث عنه في اليوم الذي نحن فيه، حينئذ لا يمكن أن يكون زيد صائم وزيد ليس بصائم إلا إذا انفكت الجهة، وأما إذا اتحدت الجهة يعني اليوم والزمن حينئذ نقول: هذا إحدى القضيتين صادقة والأخرى كاذبة، فإذا كان صائمًا فحينئذ زيد صائم هي الصادقة زيد ليس بصائم هذه كاذبة لأنها ليست لم توافق الخارج، لم توافق الواقع في الخارج، حينئذ لا يحكم بكون التناقض بين القضيتين إلا إذا كان إحدى القضيتين صادقة والأخرى كاذبة فهذا متى؟ إذا اتحد الزمان والمحل، وأما إذا انفكت الجهة حينئذ كل من القضيتين يمكن أن يوصفا أو توصفا بالكذب أو بالصدق، إذا قلت زيد صائم زيد ليس بصائم، هذا يحتمل الصدق زيد صائم اليوم وليس بصائم أمس مثلاً، انفكت الجهة، زيد صائم وزيد ليس بصائم صائم في أول اليوم ثم أخر زيد ليس بصائم، إذًا انفك الزمان، حينئذ نقول: يشترط في التناقض أن يكون المحل واحدًا وأن يكون الزمن متحدًا، وأمَّا إذا انفك المحل أو انفك الزمن حينئذ تصدق كل من القضيتين أو تكذب كل من القضيتين، ويشترط في التناقض هنا الاتحاد، ولذلك من ضابطه التناقض هنا عند المناطقة في هذا الباب (وَصِدْقُ واحِدٍ) أي وكذب الأخرى هذا فيه اكتفاء (أَمْرٌ قُفِيْ) يعني تبع دائمًا، لا بد أن يكون لازمًا الصدق في إحدى القضيتين والكذب في القضية الأخرى.