والجنس هنا أطلقه ومراد به الجنس القريب، إذًا الرسم الثاني يتألف مما من جنس قريب وخاصة، والخاصة التي هي العرض هنا الخاص يشترط فيه أن تكون شاملة لازمة شاملة، يعني: لكل الأنواع، ولازمة بمعنى أنها لا تنفك عن فرد من أفراد الجنس، مثاله الرسم التام الإنسان حيوان ضاحك بالقوة، حيوان ناطق هذا حد تام، حيوان ضاحك، ضَاحك هذا قلنا: خاصة لأنه مما يختص به الإنسان، ولذلك قال: بالقوة. أما بالفعل فهذا ينفك فلو قال: حيوان ضاحك. وسكت حينئذٍ يحمل على الضحك بالفعل وهذا لا يكون شاملاً لأن الإنسان لا يكون ضاحكًا بالفعل في وقته كله، وإنما الذي يوصف بكونه لازمًا في كل وقت هو الضحك بالقوة، يعني: مؤهل وعنده أهلية الضحك إن وجد سببه حينئذٍ حيوان هذا جنس قريب وضاحك بالقوة هذا فصل خاصة وهي شاملة لازمة، (وَالرَّسْمُ بِالْجِِنْسِ وَخَاصَةٍ مَعَا) أي: حالة كونهما مجتمعين. إذًا هذا حقيقة الرسم أنه مركب من الجنس والخاصة.
ثم بين الناقص من الحد والناقص من الرسم بقوله:
وَنَاقِصُ الحَدِّ بِفَصْلٍ أَوْ مَعَا ... جِنْسٍ بَعيِدٍ لاَ قَرِيبٍ وَقَعَا
الحد التام له صورة واحدة وهي: أن يتألف من جنس وفصل، ويشترط فيه أن يتقدم الجنس على الفصل، وأما ناقص الحد يعني: نقص بعض الذاتيات. ناقص الحد يعني: الحد الناقص من إضافة الصفة إلى الموصوف، وله صورتان قال: (بِفَصْلٍ). يعني: وحده. أن يأتي بالفصل وحده يقول: ما الإنسان؟ تقول: ناطق. ما الإنسان عرف الإنسان؟ يقول: ناطق. ما أتى بالجنس وإنما أتى بماذا؟ بالفصل وحده فقط، هذا يسمى حدًا ناقصًا، ما الذي نقص؟ الجنس لم يأت بلفظ الحيوان، حينئذٍ يقول: الإنسان حيوان الناطق، هذا حد تام، فحذف الجنس حينئذٍ اقتصر على الفصل فيكون حدًا ناقصًا لأن الإنسان مركب من شيئين: حيوانية، والناطقية. فكونه اقتصر على الناطقية دون ذكر الجنس يعتبر حدًا ناقصًا هذه الصورة الأولى (وَنَاقِصُ الحَدِّ بِفَصْلٍ) وحده، (أَوْ مَعَا جِنْسٍ بَعيِدٍ)، يعني: أن يأتي بالجنس والفصل معًا، لكن لا يكون الجنس قريبًا، وإنما يكون بعيدًا أو متوسطًا لأن الأجناس ثلاثة: جنس بعيد، جنس متوسط، جنس قريب. إذا أتى بالقريب مع الفصل حينئذٍ نقول: هذا حد تام. إذا أتى بالفصل ولم يأتي بالجنس القريب وإنما جاء بالجنس المتوسط أو البعيد نقول: هذا حد ناقص. هذا كله مجرد اصطلاح عند المناطقة، (أَوْ مَعَا) حال كونهما معًا (جِنْسٍ بَعيِدٍ) أو نعم (جِنْسٍ بَعيِدٍ لاَ قَرِيبٍ) قال: (لاَ قَرِيبٍ). نفى القريب حينئذٍ أين يدخل المتوسط؟ في قوله: (جِنْسٍ بَعيِدٍ). يعني: باعتبار القريب، فيشمل البعيد والمتوسط حينئذٍ كل جنس يوصف بكونه ليس قريبًا الإتيان به مع الفصل يسمى حدًا ناقصًا (وَنَاقِصُ الحَدِّ بِفَصْلٍ)، أي: وحده. هذه الصورة الأولى.