يعني: ثنى بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أثنى على خالقه جل وعلا، (صَلَّى)، هذه جملة خبرية اللفظ إنشائية المعنى، (صَلَّى عَلَيْهِ)، يعني: أثنى عليه. الصلاة كما قال أبو العالية: صلاة الله على عبده ثناؤه عليه في الملأ الأعلى. هذا هو المرجح، (صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ)، يعني: أثنى عليه. على محمد سيد كل مقتفى الله، (مَادَامَ الحِجَا يَخُوضُ)، هنا صلى ولم يسلم لم يأتي بالسلام - صلى الله عليه وسلم -، هذا بناءً على الصحيح أنه لا يكره إفراد الصلاة عن السلام ولا السلام عن الصلاة، بل قال كثير من الفقهاء بالكراهة، يعني: يكره أن يأتي بالصلاة دون السلام، أو بالسلام دون الصلاة، والصحيح أنه لا كراهة، وذهب ابن حجر رحمه الله تعالى أن الكراهة مخصوصة بمن كان من عادته، أما الذي يأتي أحيانًا بالصلاة دون السلام أو بالعكس وفي الغالب أنه يجمع بينهما فلا كراهة، والصحيح أنه يقال مطلقًا لا كراهة لعجز الدليل، لأن الكراهة حكم شرعي، أين النهي؟
لم يرد النهي، الجمع بالآية {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} [الأحزاب: 56]، نقول: هنا دلالة الاقتران لا تدل على أنه لا بد من اجتماعهما. فلا شك أن الأكمل أن يجمع بينهما امتثالاً الآية، وليس الكلام في الأكمل والأفضل، إنما الكلام هل يكره الإفراد أو لا؟ والصحيح أنه لا يكره، (مَا دَامَ الحِجَا) (مَا) هذه مصدرية ظرفية، يعني: مدة دوام الحجا، يعني: العقل. (يَخُوضُ)، يعني: يقطع. (مِنْ بَحْرِ المَعَانِي لُجَجَا) (مِنْ) هنا للتبعيض (بَحْرِ المَعَانِي لُجَجَا)، يعني: من المعاني التي هي كالبحر في الكثرة والاتساع، يعني: وجه الشبه الكثرة والاتساع، لا شك أن البحر واسع متسع، والمعاني مسائل لا شك أنها كذلك متسعة، (مِنْ بَحْرِ المَعَانِي لُجَجَا)، (لُجَجَا) جمع لجة من ذلك قد جاء قوله تعالى: {فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ} [النور: 40]. فلججا هذا جمع لجة وهو: الماء العظيم المطرد. يخوض لججًا من بحر المعاني، لججًا هذا مفعول لقوله: يخوض. يعني: يقطع لججًا، والمراد بها هنا المسائل الصعبة (مِنْ بَحْرِ المَعَانِي)، يعني: من المعاني التي هي كالبحر.