الجزم قلنا خاص بالفعل المضارع، والفعل المضارع كما سبق معنا قد يتصل به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المؤنثة المخاطبة، وقد يتجرد عن هذا، فإن تجرد عنه _عن اتصال ألف الاثنين_ إما أن يكون صحيح الآخر (كيضرب)، وإما أن يكون معتل الآخر، إذن كم نوع للفعل المضارع؟ ثلاثة على جهة التفصيل: (فعل مضارع صحيح الآخر، فعل مضارع معتل الآخر، الأمثلة الخمسة)، ما الذي يعرب من هذه الأنواع؟ الثلاثة بالسكون، الفعل المضارع صحيح الآخر، إذن [فاجزم]: الفاء فاء الفصيحة، [اجزم]: أيها النحوي أنت، [بتسكين]: يعني بالسكون، التسكين هذا فعل فاعل المراد به ... يعني السكون اجزم ماذا؟ [مضارعا]: يعني فعلا مضارعا، [أتى]: هو، يعني الفعل المضارع حال كونه صحيح الآخر، يعني آخره _لامه_ حرف صحيح، والمراد بالحرف الصحيح مالم يكن حرفا من حروف العلة، وحروف العلة ثلاثة: جمعها الحريري في الملحة في قوله:
[والواو والياء جميعا والألف.:. قلنا حروف الاعتلال مختلف].
حينئذإذا لم يكن آخر فعل المضارع مختوما بواحد من هذه الحروف الثلاثة فهو صحيح الآخر، [صحيح الآخر كلم يقم فتى]: هذا السؤال سأله أحد الإخوة بالأمس، [كلم] عرفنا أن حروف الجر من علامات الأسماء، وإذا قيل الشيء علامة للشيء بمعنى أنه لا يدخل على غيره، فإذا قيل ألْ علامة على أن ما بعدها اسم = إذن ألْ لا توجد مع الفعل ولا توجد ألْ مع الحرف، والحرف علامة على الاسم إذن الحرف لا يدخل على الفعل ولا على الحرف، فكيف دخل هنا [كلم] ولم حرف بالإجماع؟ والكاف حرف، لابد من التأويل، الأصل إذا قلت بأنه على ظاهره (الكاف) حرف جر، و) لم) حرف، كان الكلام خطأ، لا يصح هذا لأن حرف الجر لا يدخل إلّا على الأسماء، و (لم) حرف فلا يدخل عليها، إذن لابد من التأويل، إما أن نقدر محذوفا كقولك، حينئذ الكاف دخلت على ماذا؟ على اسم مقدر، إذن ترجع إلى حروف الجر فتقول: علامة على الاسم سواء كان ظاهرا أو مقدرا، قد يكون الاسم ظاهرا وقد يكون الاسم مقدرا، إذن [كلم يقم] أي (كقولك)، صار ماذا؟ كقولك، أو يجعل كاف في مثل هذا الموضع تكون الكاف إسمية وإذا كانت الكاف إسمية حينئذ صارت بمعنى مثل، وكانت الجملة التي بعدها في محل جر مضاف إليه، إذن على القاعدة الكاف إذا كانت حرف جر لا تدخل إلّا على الاسم، فإن وجدت في مثل هذه التركيب حينئذ لابد من التأويل، إما أن نجعل الكاف اسمية حينئذ لم يدخل حرف على حرف، أو نجعل الكاف على بابها حرف جر ونجعل الاسم محذوفا) كقولك)، وهذا أحسن، (كقولك لم يقم): (لم) حرف نفي وقلب وجزم، (يقم) فعل مضارع مجزوم بـ (لم) وجزمه السكون، لماذا؟ لأنه صحيح الآخر.
إذن [كلم يقم]: قيده الناظم هنا بدخول حرف الجر، بخلاف هناك (الذي كتسعد)، لم يقيده بدخول الناصب، فدل على أنه لابد من دخول الجازم، فقوله: [فَاجْزِمْ بِتَسْكِينٍ مُضَارِعًا أَتَى صَحِيحَ الآخِرِ]: ودخل عليه جازم، ونقيده كذلك بأنه لم يتصل به شيء من آخره مما يوجب بناءه أو ينقض إعرابه، [يقم]: أصلها (يقوم)، التقى ساكنان: الواو والميم، هذا اثنان، تحذف الواو (يقم)، (فَتَى) هذا فاعل (يقم).