[تغيير أواخر الكلم]: التغيير هذا لأي سبب؟ قلنا لاختلاف العوامل، ولذلك قال: [وذلك التغيير لاضطراب عوامل]: اضطراب، قالوا (اضطَّرَبَ الشَّيْءُ= تَحَرَّكَ وَمَاجَ فاضطرب)، يعني اللام هنا للتعليل، [لاضطراب] أي لأجل تغيير، هذا ما حصل هكذا، وإنما حصل من أجل اختلاف العوامل الداخلة على المعمول؛ لأن الاختلاف قد يكون لغير عامل, (حيث) في لسان العرب تنطق بثلاث لغات على المشهور (حيثُ، حيثَ، حيث) تغير آخر الكلم أو لا؟ تغير آخر الكلم؛ لكن تغيره لأي سبب؟ لاختلاف العوامل، كـ (جاءَ زيدٌ، ورأيْتُ زيدًا، ومررْتُ بزيدٍ)؟ الجواب لا، وإنما لاختلاف اللغات، إذن لابد أن يكون هذا التغيير من رفع إلى نصب إلى خفض إنما يكون لاختلاف العوامل، ولذلك قال: [وذلك التغيير لاضطراب]: يعني لاختلاف العوامل، وهي علة لتغيير أحوال أواخر الكلم، [لاضطراب عواملٍ]: بالخفض، وهو ممنوع من الصرف من أجل الوزن، (عوامل) جمع (عامل)، عندنا (عامل) وعندنا (معمول) وعندنا (عمل)، ماذا؟ عامل ومعمول وعمل؟ العامل كـ (جاءَ) من قولك (جاءَ زيدٌ)، (جاءَ) هذا عامل، و (رأى) من قولك (رأيْتُ زيدًا) هذا عامل، و (إنَّ زيدًا) (إنَّ) عامل، أليس كذلك؟ والمعمول هو (زيدٌ) من قولك (جاءَ زيدٌ) يعني المكان الذي ظهر فيه الإعراب نقول هذا معمول، العمل هو الرفع أو النصب أو الخفض أو الجزم، إذن (العوامل) جمع (عامل)، وهو ما أوجب كون آخر الكلمة على وجه مخصوص من رفع أو نصب أو خفض أو جزم، والمعمول هو ما يظهر فيه الإعراب تقديرا أو لفظا، والعمل هو ما يحدثه العامل وتختلف بسببه أحوال آخر المعرب، تدخل هذه العوامل للإعراب، يعني مجيؤها لما تقتضيه من الفاعلية والمفعولية والإضافة هذا يتضح بيانه على جهة الأفراد والآحاد بمعرفة الأبواب الآتية _إن شاء الله تعالى_ بابًا بابًا.
قوله: [تقديرا أو لفظا] هذا تقسيم للإعراب، يعني هذا التغيير قد يكون ملفوظا به، وقد يكون مقدّرا، يعني لا يظهر، وإنما يُنوَى إذا قلت (جاءَ زيدٌ والفتى) و (رأيْتُ زيدًا والفتى) و (مررْتُ بزيدٍ والفتى)، (جاءَ زيدٌ) ظهر الرفع فيه، (جاءَ) فعل ماضٍ يقتضي فاعلا، (زيدٌ) فاعل رُفع، إذن معرب ظهر فيه الإعراب على أنه فاعل، علامة إعرابه أو رفعه الضمة، منطوق بها أو لا؟ نطقت بها، (والفتى) الواو حرف عطف، و (الفتى) معطوف على المرفوع، والمعطوف على المرفوع مرفوع، أين الرفع؟ (فتى) ليس عندنا رفع، وإنما هو مقدر، يعني منوي، منوي في القلب: "إنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"، حينئذ تنوي بقلبك أن ضمةً هنا على الألف (الفَتَى) لكنها لا يمكن إظهارها فتقدرها، حينئذ تقول (الفتى) معطوف على (زيد) والمعطوف على المرفوع مرفوع، ورفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها التعذر، (رأيْتُ زيدًا والفَتَى)، (زيدًا) نطقْت بالفتحة، (والفَتَى) قدرت الفتحة، (مررْتُ بزيدٍ) نطقت بالفتحة، إذن يكون الإعراب ظاهرا، (والفَتَى) قدرت فيه الكسرة، إذن لا يظهر.
الإعراب التقديري على المشهور _من أجل ضبط المسألة_ يكون في أربعة صور: [الاسم المقصور، والاسم المنقوص، والمضاف إلى ياء المتكلم، والفعل المضارع المعتل الآخر].