(فذاك) الفاء تسمى فاء الفصيحة وبعضها يسميها فاء الفضيحة- عافانا الله وإياكم- الفصيحة فعيلة بمعنى مفعلة يعنى مفصحة لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر لما ذكر لك القسمين كأنه استحضر سائلا يقول إذا عرفنا أنهما قسمان فما ضابط الأول وما ضابط الثاني (فذاك) أي الأول وهو اللفظي (ما وافق) لفظ فعل ما يعنى مصدر اسم منصوب بمعنى الذي يعنى مصدر وافق هو الضمير يعود لما أي المصدر وافق المصدر لفظ فعله الناصب له يعنى في حروفه الأصول ومعناه ولو خالفه في حركة عينه يعنى الحركات ليست المرادة في الموافقة وإنما المراد المعنى والحروف "فرح فرحا" فرحا فعلا يأتي المصدر على فعل ففرح فعل ماض عينه مكسورة لأنه على وزن فعل المصدر منه الثلاثي يأتي بفتح عينه على وزن فعل حينئذ هنا وافقه في اللفظ والمعنى، ولم يوافقه في حركة العين هل خرج عن كونه مفعولا مطلقا لفظيا؟ الجواب لا لماذا لأن الشرط في التطابق والتوافق أن يكونا متطابقين في اللفظ وفي الحروف يعنى والمعنى وأما حركة العين فليست داخلة في المطابق (كَزُرْتُهُ) يعنى كقولك زرته زيد من الناس زرته زيارة, زرته فعل وفاعل زرت فعل ماض مبني على فتح مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بالسكون العارض لدفع توالي أو كراهة توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة؛ لأن العرب تكره أن تأتي لفظة واحدة وأربع أحرف متوالية متحركة هذا ممنوع لا يوجد له نظير إلا فيما لو قدر فيما قدر فيه الانفصال "كشجرة" هذه أربعة أحرف والذي سوغ مجيء أربعة متحركات في مثل هذا أن التاء في قوة الانفصال؛ لأنها ليست حرفا أصليا، وأما الحرف الأصلي هذا لا يصح أن يأتي أربع متحركات فيما هو كلمة واحدة إذن هو مكروه في لسان العرب؛ لأنه فيه ثقل ولذلك لو قلت ضربت أصله ضرب لو اتصلت به التاء وهي مبنية على الضم لقلت ضربت في ثقل أو لا؟
فيه ثقل ضربت حينئذ سكن آخر الفعل ضربت من أجل التخفيف على اللسان إذن (كزرته) ,زرت فاعل ضمير متصل مبني على التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل كذلك مبني على الضم في محل نصب مفعول به. (زيارة) مفعول مطلق مصدر نعم مصدر، وهنا يأتيك أهمية الصرف كيف تحكم عليه أنه مفعول مطلق لأنه لابد أن يكون مصدرا، وإذا ما ضبطت أبواب المصدر حينئذ يأتي الإشكال زيارة هذا مصدر وهو فضلة سلط عليه عامل يعنى نصبه عامل من لفظه ومعناه لأنه موافق له في الحروف والمعنى لفضله جار ومجرور متعلق بقوله زرته, زرته لماذا؟ لفضله إذن متمم لمعنى زيارة لما زرته؟ لفضله.
وَذَا مُوَاِفقٌ لِمَعْنَاهُ بِلاَ وِفَاقِ لَفْظٍ كَفَرِحْتُ جَذَلاَ
(وذا) أي المعنوي الثاني موافق أي مصدر موافق (لمعناه) الضمير يعود إلى العامل يعنى موافق لمعنى عامله الناصب له لفعله أو المصدر أو الوصف بلا وفاق لفظ بلا يعنى بغير لا هنا بمعنى غير ولذلك دخلت عليها الباء ولو كانت حرف نفي لما صح أن يدخل الحرف على الحرف إذن (بلا) يعنى بغير أو بدون (وفاق لفظ) يعنى موافقة لفظه في حروفه وافقه في المعنى دون الحروف وذا أي المعنوي (موافق) يعنى مصدر موافق لمعناه بمعنى عامله أي الفعل الناصب له (بلا وفاق لفظ) يعنى من غير موافقة لفظه بل وافقه في المعنى فحسب.
(كَفَرِحْتُ جَذَلاَ) , الفرح والجذل بمعنى واحد (كفرحت) يعنى كقولك فرحت فعل وفاعل وجذلا هذا مصدر وهو فضلة وسلط عليه عامل وهو فرح هل فرح وجذل متفقان في الحروف؟ الجواب: لا!
هل هما متفقان في المعنى؟ الجواب نعم إذن يسمى مفعولا مطلقا وهو معنوي وهذا محل خلاف هل هو مفعول مطلق أو نائب عن المفعول المطلق الصحيح أنه مفعول مطلق إذن المفعول المطلق على نوعين لفظي ومعنوي اللفظي ما وافق المصدر عامله في اللفظ والمعنى والمعنوي ما وافقه في المعنى دون اللفظ.
(باب الظرف) وهو يسمى المفعول فيه كما سماه ابن مالك رحمه الله تعالى, الظرف في اللغة الوعاء, الوعاء هو الظرف باب الظرف لا شك أن ظرف نوعان ظرف مكاني وظرف زماني هنا أراد بالظرف النوعين يعنى باب الظرف الزماني والمكاني عرفه بقوله:
الظَّرْفُ مَنْصُوبٌ عَلَى إِضْمَارِ فِي ... زَمَانِيًا مَكَانِيًَا بِذَا يَفِي
(الظرف) الأصل أن يقول -وهو- لكنه أظهر في مقام الإضمار يعنى بلاغة إذا قال باب الظرف نقول: