[النوع الثاني أو التعريف الثاني= الوضع المراد] المراد بالوضع هنا "الوضع العربي" فيحترز به عن كلام البربر والإنجليز والفرنسيين ونحو ذلك، حينئذ سواء كان اللفظ المركب المفيد مقصودا أو لا فهو كلام، فإذا قام النائم وتكلم نقول: هذا كلام عربي، وجدت فيه الأركان الأربعة (لفظ، مركب، مفيد، وموضوع بالوضع العربي)، بمعنى الكلمات عربية نطق بها العرب، يعني لم يتكلم بالإنجليزي فلو تكلم بالإنجليزي لو جاء بلفظ مركب مفيد= قلنا: هذا ليس بكلام عربي، لماذا؟ لأنه ليس موضوعا بوضع العرب، وهذا هو الصحيح، أن يفسر الوضع هنا بالوضع العربي، حينئذ خرج به كلام البربر، وكل كلام أجنبي ليس بكلام العرب فلا يسمى كلاما في اصطلاح النحاة البتة، فدخل معنا كلام النائم والساهي والغافل والمجنون ومن جرى على لسانه مالا يقصده يسمى كلاما، فالنائم إذا قام وتكلم وقال: (زوجتي طالق) قل: هذا كلام عربي، نعم، هو كلام عربي؛ لكن لا يترتب الحكم الشرعي، وفرق بين البحث اللغوي والبحث الشرعي، الفتوح في شرح المختصر رجح أن يكون الوضع المراد به القصد؛ لإخراج ما قد يترتب على كلام النائم، فإذا طلق زوجته وهو نائم _أو المجنون طلق زوجته_ هل يقع الطلاق؟ يقع أو لا يقع؟ لا يقع، لماذا؟ لا لكونه كلاما عربيا أو لا، وإنما لانتفاء القصد، لأنه نائم، "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ"، إذن الحكم شرعي، فلم تترتب الثمرة على كلامه، لا لكونه ليس بكلام عربي، وإنما لمجيء الحكم الشرعي وأنه غير مكلف كالنائم والمجنون والساهي والغافل، الصحيح أن المجنون بالإجماع أنه غير مكلف، كذلك النائم غير مكلف، حينئذ عدم ترتيب الأحكام الشرعية على كلام هؤلاء لا يلزم منه أن لا يكون كلاما، بل هو كلام عربي، والأحكام منفية لوجود الدليل الرافع لها، إذن [لفظ مركب مفيد قد وضع] يعني بالوضع العربي، متى ما وجدت هذه الأركان الأربعة حكمنا عليه بأنه كلام في اصطلاح النحاة، وإذا انتفت أو انتفى بعضها حكمنا عليه بكونه ليس بكلام عند النحاة.

ثم قال رحمه الله تعالى:

أقْسَامُهُ الَّتِي عَلَيْهَا يُبْنَى ... اسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفُ مَعْنَى

[أقسامه]: عرفنا أن الكلام مركب، أليس كذلك؟ [والمركب] ما هو؟ "ما تركب من كلمتين" هذا فيه إجمال، حينئذ الكلام له أجزاء، ماهي هذه الأجزاء التي يتألف منها الكلام؟

عرفنا أن الكلام لابد من ضم كلمة إلى أخرى "ما تركب من كلمتين فأكثر"، إذن لابدّ من أجزاء، لأنه كلٌّ، فإذا كان كذلك يَرِدُ السؤالُ: ماهي أجزاء الكلام التي يتألف منها الكلام؟

فقال رحمه الله: [أقسامه] أي: أقسام أجزائه التي يتألف منها.

[التي عليها يبنى]: يبنى عليها، احترز به من نوعه الذي إليه ينقسم.

[اسم وفعل ثم حرف معنى]: والدليل على أن أجزاء الكلام أو أقسام الكلمة _تعبير أدق_ محصورة في هذه الأجزاء الثلاث= هو التتبع والاستقراء، يعني نظر النحاة في كلام العرب، بحثوا وبحثوا فلم يجدوا إلّا أن الكلام مؤلف من:

[اسم]: وهو كلمة دلّت على معنى في نفسها ولم تقترن بزمان.

أو [فعل]: وهو كلمة دلّت على معنى كالاسم؛ إلّا أنها فارقتها باقترانها بأحد الأزمنة الثلاثة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015