[وَمُفْرَدًا يَأْتِي]: (يأتي مفردا) مثل (وظاهرا يأتي)، "إنما النحو قياس يتبع"، وهنا الجريمة الكبرى عند الطلاب وهي أنه في باب النحو القياس عندهم ممنوع كأنهم ظاهرية، والكسائي _رحمه الله_ يقول: "إنما النحو قياس يتبع"، فتحفظ، لو حفظت المثال السابق (وظاهرا يأتي) = تسلك في كل فعل، ولذلك هذا النظم _مثلا_ إذا أعربته إعرابا تفصيليا مطولا _ثلاثين بيتا = يسلك معك الإعراب إلى آخر النظم، يعني الأمر سهل لكن يحتاج إلى مجاهدة، [ومفردا يأتي]: يعنى يأتي الخبر حال كونه مفردا, [مفردا]: هذا حال مقدمة، [وغير مفرد]: (غير) هذا معطوف على (مفردا)، ولذلك نصب، إذن الخبر إما مفرد وإما غير مفرد، سبق معنا المفرد في باب الإعراب، وهو ما ليس مثنى ولا مجموعا ولا ملحقا بهما ولا من الأسماء الستة، هذا المفرد، هنا المفرد له اصطلاح خاص، يعنى معنى خاص مغاير لما سبق، المفرد هنا في باب الخبر: "ما ليس جملة ولا شبيها بالجملة"، يعنى (ليس جملة اسمية، وليس جملة فعلية، وليس جارا ومجرورا، وليس ظرفا)، أربعة أشياء منفية، وعليه يشمل المفرد في باب الإعراب، فيدخل فيه (زيد، والفتى، والقاضي)، ويشمل كذلك المثنى والمجموع بأنواعه، حينئذ المثنى مفرد في باب الخبر، وليس بمفرد في باب الإعراب، الجمع بأنواعه يعتبر مفردا هنا في باب الخبر، وليس بمفرد في باب الإعراب، ففرق بين النوعين، إذن "ما ليس جملة ولا شبيها بالجملة"، يعنى تنفي الأربعة أشياء، فدخل فيه المثنى والمجموع.

[فَأَوَّلٌ نَحْوُ سَعِيْدٌ مُهْتَدِي]: [فأول]: الفاء فاء الفصيحة، [أول]: ما هو الأول؟ المفرد، [نحو]: يعنى مثل، [سَعِيْدٌ مُهْتَدِي]: [سعيدٌ]: مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفعه ضمة ظاهرة في آخره، [مهتدي]: خبر مرفوع، مرفوع بماذا؟ على الصحيح بالمبتدأ, المبتدأ مرفوع بالابتداء، والخبر مرفوع بالمبتدأ، يعنى (سعيد) مرفوع بالابتداء وهو عامل معنوي، و (مهتدي) هذا خبر مرفوع بـ (سعيد)، و (سعيد) عامل معنوي أو لفظي؟ لفظي، إذن نطقت به؛ لأن المبتدأ لفظ _اسم_ حينئذ عمل المبتدأ في الخبر فرفعه, (ورفعوا مبتدأ بالابتدا.:. كذاك رفع خبر بالمبتدا)، إذن مبتدأ، هذا خبر مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره _إذا جعلنا الياء هي الأصل، وإذا جعلناها إشباعا هذا شيء آخر_, حينئذ نقول [مُهْتَدِي] هذا خبر، ما نوعه؟ مفرد، هل طابق المفرد هنا في هذا المثال المفرد في باب الإعراب؟ [مهتدي] واحد، ليس مثنى ولا مجموعا، إذا تطابق، (زيد قائم) , (قائم) هذا مفرد في باب الإعراب وفي باب الخبر، (الزيدان قائمان) , (الزيدان) مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفعه الألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى, (قائمان) خبر المبتدأ مرفوع به ورفعه الألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى، (الزيدان) مبتدأ وهو مثنى، و (قائمان) خبر وهو مثنى، هل (قائمان) هنا مفرد في باب الخبر؟ نعم، لماذا؟ لأنه ليس جملة ولا شبيها بالجملة، هل هو مفرد في باب الإعراب؟ الجواب لا، ليس مفردا، (الزيدون قائمون) كالإعراب السابق، إذن [فأول]: يعنى المفرد، [نَحْوُ سَعِيْدٌ مُهْتَدِي]: ومثله (الزيدان قائمان، والزيدون قائمون).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015