-للاختصار، روى أبو هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، تقول: (رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم)، حذفت الفاعل، أنت تعلم أن الحديث عن أبي هريرة، فتحذفه من باب الاختصار، إذن [مختصرا]، [إذا حذفت في الكلام فاعلا] حال كونك مختصرا, [مختصرا] هذا حال من (فاعل حذفْتَ)، حذفت أنت مختصرا, (رُوِيَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم)، أو لعلة أخرى [مبهما]: تريد الإبهام، تعرف الفاعل ولكنك تحذفه لأجل الإبهام, تقول (تُصُدِّقَ بِدِرْهَمٍ)، يعنى تصدق زيد بدرهم, تحذف الفاعل (تُصُدِّقَ بِدِرْهَمٍ)، أو جاهلا: ما تعرفه, (سُرِقَ الْمَتَاعُ)، وغالبا الذي يسرق يكون مجهولا، فإذا رأيت المتاع قد سُرِقَ, حينئذ (سُرِقَ الْمَتَاعُ, (ضُرِبَ زَيْدٌ)، ولا تعرف من الضارب، نقول هذا لأجل الجهل, فهذه ثلاثة أغراض لحذف الفاعل، وهذه توحد في علم المعاني، هنا علم المعاني في البلاغة، توسعوا فيها لكن المراد هنا قدم.
إِذَا حَذَفْتَ فِي الكَلاَمِ فَاعِلاَ ... مُخْتَصِرًا أَوْ مُبْهِمًا أَوْ جَاهِلاَ
فَأوْجِبِ التَّأخِيرَ لِلْمَفْعُولِ بِهْ ... وَالرَّفْعَ حَيْثُ نَابَ عَنْهُ فَانْتَبِهْ
[إذا حذفت في الكلام فاعلا]، [فأوجب]: الفاء واقعة في جواب الشرط.
[فَأَوْجِبِ التَّأْخِيرَ لِلمَفْعُولِ بِهْ]: بعد أن كان جائز التقديم, المفعول به يجوز أن يتقدم على العامل, الكلام عن العامل هنا, الفاعل هل يجوز أن يتقدم على فعله؟ الجواب لا، المفعول به إذا وجد الفاعل يجوز أن يتقدم عن الفعل, تقول: (ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا) هذا الأصل, (ضربَ) فعل, (زيدٌ) فاعل, (عَمرًا) مفعول به، يجوز أن تقول: (عَمْرًا ضَرَبَ زَيْدٌ) يجوز أو لا يجوز؟ يجوز، {فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ}، إذن (فريقا هدى) = (هدى فريقا) اليس كذلك؟ إذن تقدم المفعول به، لكن إذا أنيب المفعول به عن الفاعل قف, كان لك جواز التقديم وحرية التقدم يوم أن كنت مفعولا به، لكن لما أقمت مقام الفاعل أعطيناك حكم الفاعل, والفاعل لا يجوز أن يتقدم على الفعل، إذن المفعول به إذا أنيب عن الفاعل لا يجوز أن يتقدم، ولذلك قال: [فَأَوْجِبِ التَّأْخِيرَ لِلمَفْعُولِ بِهْ]: إذا أقيم المفعول به مقام الفاعل، لماذا؟ لأنه أخذ رتبة الفاعل, والفاعل لا يجوز أن يتقدم على الفعل، فكذلك ما ناب منابه, [فَأَوْجِبِ التَّأْخِيرَ]: إذن التأخير عن الفعل واجب للمفعول به بعد أن كان جائز التقديم, [والرفع]: بعد أن كان منصوبا؛ لأن المفعول به من المنصوبات، إذن بين لك حكمين للمفعول به، إذا حذف الفاعل وأقيم المفعول به مقام الفاعل، أولا: يجب تأخيره عن الفعل ولا يجوز تقديمه، والثاني: أنه يجب رفعه، لماذا؟ لأن الفاعل مرفوع فأخذ حكمه، وهو ما يسمى بالنائب عن الفاعل.