وهذا الذي استدركه الشيخ على نفسه هو المشهور للمقابلة بين القول والفعل،
فالعمل يجمعهما، وقد قال به جماعة من العلماء قال المرداوي في "التحبير" (5/ 2144): (العمل يشمل القول والفعل).
ويستدل لهذا القول بآيات كثيرة منها: قوله تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً) (?)، وقوله: (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) (?)، وقوله: (وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (?).
وقال ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (1/ 9): " رأيت بعض المتأخرين من أهل الخلاف خصص الأعمال بما لا يكون قولا وأخرج الأقوال عن ذلك وفي هذا عندي بعد وينبغي أن يكون لفظ العمل يعم جميع أفعال الجوارح نعم لو كان خصص بذلك لفظ الفعل لكان أقرب فإنهم استعملوها متقابلين فقالوا الأفعال والأقوال".
ويشكل على هذا الاستدراك قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به)، فجعل العمل قسيم القول.
قال ابن رجب في "فتح الباري" (1/ 6): "الفعل: من الناس من يقول: هو مرادف للعمل. ومنهم من يقول: هو أعم من العمل. فمن هؤلاء من قال: الفعل يدخل فيه القول وعمل الخوارج، والعمل لا يدخل فيه القول على الإطلاق".
والمسألة خلافية وتوجيهات الأدلة فيها حمالة، والأقوال فيها محتملة.
وبالنظر إلى صنيع أهل الأصول في تعريف الحكم نجد أنهم قد درجوا على استعمال لفظ "الفعل" بدلا من "العمل"، وعليه فلنتوقف في تعريف الحكم الشرعي على صنيعهم.