قبول قوله من باب الخبر لا الإفتاء، ولابد أن يكون عالما بما ينقل من أحكام بصيرا بمواردها وشمولها لمحل النزاع، وهذه حالة ضرورة على خلاف الأصل.
قال ابن حمدان في "صفة الفتوى" (ص/24) بعد أن ذكر نحوا مما سبق ذكره من أقسام المجتهدين: (فمن أفتى وليس على صفة من الصفات المذكورة من غير ضرورة فهو عاص آثم (?)؛ لأنه لا يعرف الصواب وضده فهو كالأعمى الذي لا يقلد البصير فيما يعتبر له البصر؛ لأنه بفقد البصر لا يعرف الصواب وضده (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) [المطففين: 4، 5] قال ابن الجوزي: يلزم ولي الأمر منعهم كما فعل بنو أمية، ومن تصدى للفتيا ظانا أنه من أهلها فليتهم نفسه وليتق ربه فإن الماهر في علم الأصول، أو الخلاف، أو العربية دون الفقه يحرم عليه الفتيا لنفسه ولغيره؛ لأنه لا يستقل بمعرفة حكم الواقعة من أصول الاجتهاد لقصور آلته ولا من مذهب إمام لعدم حفظه وإطلاعه عليه على الوجه المعتبر فلا يحتج بقوله في ذلك وينعقد الإجماع دونه على أصح المذهبين ... وقيل يجوز لمن حفظ مذهب ذي مذهب ونصوصه أن يفتي به عن ربه وإن لم يكن عارفا بغوامضه وحقائقه وقيل لا يجوز أن يفتي بمذهب غيره إذا لم يكن متبحرا فيه عالما بغوامضه وحقائقه كما لا يجوز للعامي الذي جمع فتاوي المفتين أن يفتي بها. وإذا كان متبحرا فيه جاز أن يفتي به والمراد بقول من منع الفتوى به أنه لا يذكره على صورة ما يقوله من عند نفسه بل يضيفه إلى غيره ويحكيه عن إمامة الذي قلده لصحة تقليد الميت، فعلى هذا من عددناه من أصناف المفتين من المقلدين ليس على الحقيقة من