فيها أهل العلم غالبها ظني، وليست بعلمية، ولو كانت علمية لما اختلفوا فيها، لكنها غالبها ظني فالمعرفة أيضًا تطلق على العلم والظن، كما في كثير من مسائل الفقه.
ولذلك لا يوصف اللَّه بأنه عارف، ولكن يوصف بأنه عالم؛ لأن المعرفة تشمل العلم والظن.
ثم قال: (وقوله: (لأن إدراك الأحكام الفقهية قد يكون يقينيا وقد يكون ظنيا كما في كثير من مسائل الفقه): ولهذا قلنا في التعريف- تعريف الفقه-: "معرفة" ليشمل العلم والظن، لأنه يوجد مسائل كثيرة من أحكام الفقه كلها ظنية).
مناقشة هذا التفريق:
وهذا الذي صار إليه الشيخ من أن العلم خاص بالقطعيات دون الظنيات مجرد اصطلاح خاص، وقد نسبه الكلوذاني للمتكلمين واختار عكسه حيث عرف الفقه في الشرع بقوله: (هو العلم بأحكام أفعال المكلفين الشرعية دون العقلية).
ثم قال: فأما قولنا: "العلم بأحكام أفعال" فنريد به ما علمناه بالشرع إما بيقين أو غالب ظن) (?).
وقال الشيخ العروسي في "المسائل المشتركة (ص/31) وهو يبين وجوه الرد على من قال: أن الفقه من باب الظنون؛ لأنه مستفاد من الأدلة الظنية، فلا يسمى علما: (وقد تجيب طائفة أخرى - كابي الخطاب وغيره- عن هذا السؤال، بأن العلم يتناول اليقين والاعتقاد الراجح، كقوله تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ) (?) [الممتحنة: 10] وأن تخصيص لفظ العلم بالقطعيات اصطلاح المتكلمين، والتعبير هو باللغة لا بالاصطلاح الخاص ... ).
وقال المرداوي في "التحبير" (1/ 229): (يأتي العلم بمعنى الظن: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ) [الممتحنة: 10]، وعكسه: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ) [البقرة: 46] ... ويأتي العلم بمعنى المعرفة، ومنه: قوله تعالى: (لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) [التوبة: 101]، أي: لا تعرفهم نحن نعرفهم. قال البرماوي وغيره: (قد جاء علم بمعنى عرف، ومنه: قوله تعالى: (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) [طه: 7]،