العكس، خلاف وكلام الشيخ أبي حامد يقتضي المنع، لكن الجمهور على خلافه.
قال أبو إسحاق الشيرازي في ' الملخص ': ' اختلف أصحابنا في الاستدلال به على وجهين، أصحهما - وهو المذهب - أنه يصح، استدل به الشافعي في عدة مواضع. والدليل عليه: أن الاستدلال بالعكس استدلال بقياس مدلول على صحته بالعكس، وإذا صح القياس في الطرد وهو غير مدلول على صحته، فلأن يصح الاستدلال بالعكس وهو قياس مدلول على صحته أولى '. قال البرماوي: (ويدل عليه أن الاستدلال به وقع في القرآن والسنة وفعل الصحابة: فأما القرآن: فنحو قوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) [الأنبياء: 22]. فدل على أنه ليس إله إلا الله لعدم فساد السموات والأرض. وكذلك قوله تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82]. ولا اختلاف فيه فدل على أن القرآن من عند الله بمقتضى قياس العكس. وأما السنة: فكحديث: (يأتي أحدنا شهوته ويؤجر؟ قال أرأيتم لو وضعها في حرام؟ - يعني: أكان يعاقب؟ - قالوا: نعم، قال: فمه!).
فقاس وضعها في حلال فيؤجر على وضعها في حرام فيؤزر بنقيض العلة. وأما الصحابة - رضي الله عنهم - ففي ' الصحيحين ' عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله قال: (من مات يشرك به شيئاً دخل النار، وقلت أنا: ومن مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة). وفي بعض أصول مسلم روي عن النبي: (من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة. قال: وقلت أنا: من مات يشرك به شيئاً دخل النار). قلت: والذي يغلب على الظن أن هذا اللفظ في البخاري. وكل منهما يحصل به المقصود، ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة عليه. لكن رواهما مسلم عن جابر مرفوعاً، فلا حاجة إلى القياس. ويجمع بين الروايتين أنه عند ذكر كل لفظة كان ناسياً للأخرى كما جمع به النووي. فظهر بذلك كله أنه حجة ... ) (?).