، وهو الذي صاروا إليه آخرا، وهذا إجماع معارض للأول، وتعارض الإجماعين باطل، لكن اتفاقهم على أحد القولين بعد اختلافهم في المسألة إجماع صحيح لا يلزم منه محال كاتفاق الصحابة على قتال مانعي الزكاة وعلى أن الأئمة من قريش، وعلى تحريم المتعة، ونظائر ذلك كثيرة، وإنما يصح بتقدير اشتراط انقراض العصر لأن الإجماع الأول لم يستقر إذن حتى يعارض الإجماع الثاني.
والجواب عن هذه الشبهة أن هذه حالة خاصة بخلاف مسألتنا من إجماعهم على أحد القولين، وحالتنا هذه فيها أن الإجماع الأول من حصر الحق في أحد هذين القولين وتسويغ الخلاف فيهما، فهذا الإجماع يكون حجة بشرط ألا يحصل منهم اتفاق على أحد أقوالهم.
وبيان ذلك أن الحق في أحد القولين، فالحق واحد لا يتعدد، فإن ظهر لأحدهما قبل أن ينخرم عصره ظهور حجة أحد القولين أو أن الدليل الذي اعتمد عليه منسوخا جاز له الرجوع عن قوله والاتفاق على القول الذي ظهر دليله.
وليس هذا من مسألة أن يتفقوا بداية على قول، فقد ظهر بالأدلة أن هذا الإتفاق حجة، وأنه معصوم، وأن الحق فيما اتفقوا عليه، وإن لم ينخرم عصرهم.
وعليه فهذه حالة خاصة، فالإجماع الأول الذي انعقد على تسويغ الخلاف في
كلا القولين إنما يكون حجة بشرط ألا يحصل منهم اتفاق على أحد قوليهم قبل أن ينخرم عصرهم.
وبهذا ظهر الفرق بين الحالتين، وأنه لا يقاس أحدهما على الأخرى من اشتراط انخرام العصر في كلاهما.
قال الشيخ: (وإذا قال بعض المجتهدين قولاً أو فعل فعلاً واشتهر ذلك بين أهل الاجتهاد ولم ينكروه مع قدرتهم على الإنكار فقيل: يكون إجماعاً. وقيل: يكون حجة لا إجماعاً. وقيل: ليس بإجماع ولا حجة. وقيل: إن انقرضوا قبل الإنكار فهو إجماع وهذا أقرب الأقوال).
أقوال الحنابلة:
القول الأول - أنه حجة وإجماع: