فإنه خطاب للحاضرين، وعم غيرهم ممن بعدهم، ولم يختص بهم.
وعنه جواب آخر وهو: أن من نصوص الدليل السمعي ما ليس خطابا للحاضرين، نحو قوله - عز وجل -: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ) [النساء: 115] الآية، وهي عامة في المخاطبين وغيرهم، والأحاديث أيضا في ذلك عامة، فبذلك يحصل العموم لغير الصحابة ... ) (?).
قال الشيخ أحمد عزب في رسالته "الإجماع عند الأصوليين" (ص/78): (
وقد نقل عن الإمام أحمد - رحمه الله - ما يشعر بأنه يقول بعدم حجية الإجماع، ألا وهي ما يروى عنه من أنه قال: "من ادعى الإجماع فهو كاذب" فيمكن تأويل هذه العارة الموهمة لإنكاره إمكان نقل الإجماع بعدة تأويلات:
أولًا - أنه محمول على استبعاد انفراد إطلاع ناقله، ومعنى ذلك أن من ادعى الإجماع منفردا حيث لم يطلع عليه غيره فهو كاذب، لأنه لو كان صادقا لأطلع عليه غيره (?).
ثانيًا - أنه محمول على الورع، وذلك لجواز أن يكون هناك خلاف في المسألة لم يبلغه، ومعنى ذلك أي من ادعى وقوع الإجماع جازما به مع احتمال وجود خلاف لم يبلغه فهو كاذب، ويؤيد هذا لفظ الإمام أحمد - رحمه الله - في رواية ابنه عبدالله حيث قال: (من ادعى الإجماع فقد كذب، لعل الناس قد اختلفوا، ولكن يقول: لا نعلم الناس اختلفوا).
ثالثًا - أنه أراد غير إجماع الصحابة، ومعنى ذلك أن من ادعى إجماعا غير إجماع الصحابة فهو كاذب لتعذر العلم به (?).