قال الشيخ: (الإجماع نوعان: قطعي، وظني. فالقطعي: ما يعلم وقوعه من الأمة بالضرورة).
قال في "شرح الأصول" (ص/496): (فالذي يعلم بالضرورة وقوعه من الأمة هو إجماع قطعي، ومعنى بالضرورة أي: بدون نظر وتأمل- يعني لا يحتاج أن ننظر: هل أجمعوا أم لم يجمعوا؛ لأنه معروف.
ثم قال: (فإن قيل: لعل فيه خلافًا.
قلنا: لا يمكن أن يخالف أحد في هذا، إلا من كان حديث عهد بإسلام، لا يدري عن الإِسلام شيئًا، أما من عاش بين المسلمين فإنا نعلم أنه يعتقد وجوب الصلوات الخمس، وكذلك تحريم الزنا، فإن العلماء مجمعون عليه إجماعًا قطعيًا، وكذلك حِلّ الخبز فهو مجمع عليه).
ثم قال الشيخ: (والظني: ما لا يعلم إلا بالتتبع والاستقراء) (?).
وقال في "شرح الأصول" (ص/498): (الثاني هو الظني، والظني: ما لا يعلم إلا بالتتبع والاستقراء، يعني ليس معلومًا بالضرورة، بل مُتَتبَّع، فَيُتتبَّع من الكتب التي تنقل الآَثار عن المتقدمين، وتتبع الكتاب التي ألفها المتأخرون، وينظر فإذا أجمعت الكتب والآثار على حكم من الأحكام قلنا: هذا إجماع، لكنه ليس قطعيًا، ليس إجماعًا قطعيًا لأنه يجوز أن يكون هناك خلاف لم نعلمه).
هذا محصل كلام الشيخ في بيان نوعي الإجماع.
وأما تفسير الشيخ للظني بما ثبت بالتتبع والاستقراء فقد تبع فيه تقي الدين ابن تيمية حيث قال في "مجموع الفتاوى" (19/ 267): (والإجماع نوعان قطعي فهذا لا سبيل إلى أن يعلم إجماع قطعي على خلاف النص، وأما الظني فهو الإجماع الإقراري والاستقرائي بأن يستقرىء أقوال العلماء فلا يجد في ذلك خلافا أو يشتهر القول في القرآن ولا يعلم أحدا أنكره).