والمباشرة قد وقعت، فالقول بأنه من أقسام السنة لا يستبعد.
والتفريق بين النوعين واضح، فإن هذا النوع في حقيقته من أقسام العزم، والعزم أعلى أنواع الهم. وينبغي حمل كلام الشافعي على هذا النوع خاصة، خلافا للزركشي الذي جعل مذهب الشافعي أن الهم مطلقا من السنة ... ).
التعريف المختار:
أولى التعريفات عندي هي الطريقة الأولى للأصوليين من أن السنة هي: (: ما نقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولا، أو فعلا).
وقد بينت قبل ذلك أن الكف فعل، ويدخل في الكف التقرير والهم.
ولا يشكل على ذلك أن القول فعل لللسان فيدخل في الفعل؛ لأن الغالب استعمال القول في مقابلة الفعل، وللفوارق بين القول والفعل في الاستدلال والاستنباط، فالأولى التفريق بينهما.
قال الشيخ - رحمه الله -:
الأول: ما فعله بمقتضى الجبلة فلا حكم له في ذاته، ولكن قد يكون مأموراً به أو منهياً عنه لسبب، وقد يكون له صفة مطلوبة كالأكل باليمين أو منهي عنها كالأكل بالشمال.
الثاني: ما فعله بحسب العادة وقد يكون مأموراً به أو منهّياً عنه لسبب.
الثالث: ما فعله على وجه الخصوصية فيكون مختصاً به. ولا يحكم بالخصوصية إلا بدليل؛ لأن الأصل التأسي به.
الرابع: ما فعله تعبداً فواجب عليه حتى يحصل البلاغ ثم يكون مندوباً في حقه وحقنا على أصح الأقوال.
الخامس: ما فعله بياناً لمجمل من نصوص الكتاب أو السنة فواجب عليه حتى يحصل البيان ثم يكون له حكم ذلك النص المبين في حقه وحقنا.
وأما تقريره صلى الله عليه وسلم على الشيء فهو دليل على جوازه على الوجه الذي أقره قولاً كان أم فعلاً. فأما ما وقع ولم يعلم به فإنه لا ينسب إليه ولكنه حجة لإقرار الله له).