قال المرداوي في "التحبير" (3/ 1433): (قوله: (وزيد الهم). أي: بفعل، رأيت ذلك للشافعية، ومثلوه: بما إذا هم النبي بفعل وعاقه عنه عائق، كان ذلك الفعل مطلوبا شرعا؛ لأنه لا يهم إلا بحق محبوب مطلوب شرعا؛ لأنه مبعوث لبيان الشرعيات، وذلك كما في حديث عبد الله بن زيد بن عاصم فيما رواه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم وقال: (صحيح على شرط مسلم): ' استسقى رسول الله وعليه خميصة سوداء، فأراد رسول الله أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها، فلما ثقلت قلبها على عاتقه '. فالمراد: لولا ثقل الخميصة، فاستحب الشافعي - رضي الله عنه - لأجل هذا الحديث للخطيب في الاستسقاء مع تحويل الرداء تنكيسه، بجعل أعلاه أسفله. قلت: مذهب الإمام أحمد وأصحابه لا يزيد على التحويل. وقال ابن العراقي: (قلت: وكذا همه بمعاقبة المتخلفين عن الجماعة، استدل به على وجوبها. وقد يقال: الهم خفي فلا يطلع عليه إلا بقول أو فعل، فيكون الاستدلال بأحدهما، فلا يحتاج حينئذ إلى زيادة) (?) انتهى. وعلى القول الأول: الفرق بينه وبين ما تقدم من عمل القلب والترك: أن الذي هنا أخص؛ لأن الهم عزم على الشيء بتصميم وتأكيد، قاله البرماوي) (?).
وإطلاق كلا القولين ليس بصواب، والصواب التفصيل فاعتبار كون الهم حجة أم لا يختلف تبعا لنوعه، وقد فصل الشيخ الأشقر في "أفعال الرسول" (2/ 134) فقال بعد أن ذكر قولي العلماء في المسألة ما ملخصه: (الهم بالشيء أمر نفسي لا يظهر لنا إلا بإحدى طريقتين:
الطريق الأولى - أن يخبرنا به النبي - صلى الله عليه وسلم -:
وحينئذ فلا يخلو من أحوال:
1 - إما أن يخبرنا به على سبيل الزجر عن عمل معين. فيدل على تحريم ذلك العمل أو كراهته، بدلالة القول، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لقد هممت أن